39 - آل عمران .
حكاية مريم لما بينهما من قوة الارتباط وشدة الاشتباك مع ما في إيرادها من تقرير ما سيقت له حكايتها من بيان اصطفاء آل عمران فإن فضائل بعض الأقرباء أدلة على فضائل الآخرين وهنا ظرف مكان واللام للدلالة على البعد والكاف للخطاب أي في ذلك المكان حيث هو قاعد عند مريم في المحراب أو في ذلك الوقت إذ يستعار هنا وثمة وحيث للزمان .
دعا زكريا ربه لما رأى كرامة مريم على الله ومنزلتها منه تعالى رغب في أن يكون له من إيشاع ولد مثل ولد حنة في النجابة والكرامة على الله تعالى وأن كانت عاقرا عجوزا فقد كانت خنة كذلك وقيل لما رأى الفواكة في غير أبانها تنبه لجواز ولادة العجوز العاقر من الشيخ الفاني فأقبل على الدعاء من غير تأخير كما ينبئ عنه تقديم الظرف على الفعل لا على معنى أن ذلك كان هو الموجب للإقبال على الدعاء فقط بل كان جزءا أخيرا أخيرا من العلة التامة التي من جملتها كبر سنة E وضعف قواه وخوف مواليه حسبما فصل في سورة مريم .
قال تفسير للدعاء وبيان لكيفيته لا محل له من الإعراب ر رب هب لي من لدنك كلا الجارين متعلق بهب لاختلاف معنييهما فاللام صلة له ومن لابتداء الغاية مجازا أي أعطنى من محض قدرتك من غير وسط معتاد .
ذرية طيبة كما وهبتها لحنة ويجوز أن يتعلق من بمحذوف وقع حالا من ذرية أي كائنة من لدنك والذرية النسل تقع على الواحد والجمع والذكر والأنثى والمراد ههنا ولد واحد فالتأنيث في الصفة لتأنيث لفظ الموصوف كما في قول من قال ... أبوك خليفة ولدته أخرى ... وأنت خليفة ذاك الكمال ... .
وهذا إذا لم يقصد به واحد معين أما إذا قصد به المعين امتنع اعتبار اللفظ نحو طلحة وحمزة فلا يجوز أن يقال جاءت طلحة وذهبت حمزة .
أنك سميع الدعاء أي مجيبه وهو تعليل لما قبله وتحريك لسلسلة الإجابة .
فنادته الملائكة كان المنادى جبريل E كما تفصح عنه قراءة من قرأ فناداه جبريل والجمع كما في قولهم فلان يركب الخيل ويلبس الثياب وماله غير فرس وثوب قال الزجاج أي أتاه النداء من هذا الجنس الذين هم الملائكة وقيل لما كان جبرائيل E رئيسهم عبر عنه باسم الجماعة تعظيما له وقيل الرئيس لا بد له من اتباع فأسند النداء إلى الكل مع كونه صادرا عنه خاصة وقرئ فناداه بالإمالة .
وهو قائم جملة حالية من مفعول النداء مقرر لما أفاده الفاء من حصول البشارة عقيب الدعاء وقوله تعالى .
يصلى إما صفة لقائم أو خبر ثان عند من يرى تعدده عند كون الثاني جملة كما في قوله تعالى فإذا هي حية تسعى أو حال أخرى منه علىالقول بتعددها بلا عطف ولا بدلية أو حال من المستكن في قائم وقوله تعالى .
في المحراب أي في المسجد أو في غرفة مريم متعلق بيصلى او بقائم على تقدير كون يصلى حالا من ضمير قائم لأن العامل فيه وفي الحال حينئذ شئ واحد فلا يلزم الفصل بالأجنبى كما يلزم على التقادير الباقية .
ان الله يبشرك بيحيى أي بأن الله وقرئ بكسر الهمزة على تقدير القول أو إجراء النداء مجراه لكونه