147 - آل عمران .
للكل وإن جعلا للبعض الباقين بعد ما قتل الآخرون كما هو الأنسب بمقام توبيخ المنخذلين بعد ما استشهد الشهداء فهي عبارة عما ذكر مع ما اعتراهم من قتل إخوانهم من الخوف والحزن وغير ذلك هذا على القراءة المشهورة وأما على القراءتين الأخيرتين فإن أسند الفعل إلى الربيين فالضميران للباقين منهم حتما وإن أسند إلى ضمير النبي كما هو النسب بالتوبيخ على الإنخذال بسبب الإرجاف بقتله E فهما للباقين أيضا إن اعتبر كون الربيين مع النبي في القتل وللجميع إن اعتبر كونهم معه في القتال .
وما ضعفوا عن العدو وقيل عن الجهاد وقيل في الدين .
وما استكانوا أي وما خضعوا للعدو وأصله استكن من السكون لأن الخاضع يسكن لصاحبه ليفعل به ما يريده والألف من إشباع الفتحة أو استكون من الكون لأنه يطلب ان يكون لمن يخضع له وهذا تعريض بما أصابهم من الوهن والإنكسار عند استيلاء الكفرة عليهم والإرجاف بقتل النبي وبضعفهم عند ذلك عن مجاهدة المشركين واستكانتهم لهم حين أرادوا أن يعتضدوا بابن أبي المنافق في طلب الأمان من أبي سفيان .
والله يحب الصابرين أي على مقاساة الشدائد ومعاناة المكاره في سبيل الله فينصرهم ويعظهم قدرهم والمراد بالصابرين إما المعهودون والإظهار في موضع الإضمار للثناء عليهم بحسن الصبر والإشعار بعلة الحكم وإما الجنس وهم داخلون فيه دخولا أوليا والجملة تذييل لما قبلها .
وماكان قولهم كلام مبين لمحاسنهم القولية معطوف على ما قبله من الجمل المبينة لمحاسنهم الفعلية وقولهم بالنصب خبر لكان واسمها أن وما بعدها في قوله تعالى .
إلا أن قالوا والاستثناء مفرغ من أعم الأشياء ما كان قولا لهم عند أي لقاء للعدو واقتحام مضايق الحرب وإصابة ما أصابهم من فنون الشدائد والأهوال شئ من الأشياء إلا ان قالوا .
ربنا اغفر لنا ذنوبنا أي صغائرنا .
وإسرافنا في أمرنا أي تجاوزنا الحد في ركوب الكبائر أضافوا الذنوب والإسراف إلى أنفسهم مع كونهم ربانيين برءاء من التفريط في جنب الله تعالى هضما لها واستقصارا لهممهم وإسنادا لما أصابهم إلى أعمالهم وقدموا الدعاء بمغفرتها على ما هو الأهم بحسب الحال من الدعاء بقولهم .
وثبت أقدامنا أي في مواطن الحرب بالتقوية والتأييد من عندك او ثبتنا على دينك الحق .
وانصرنا على القوم الكافرين تقريبا له إلى حيز القبول فإن الدعاء المقرون بالخضوع الصادر عن زكاء وطهارة أقرب إلى الاستجابة والمعنى لم يزالوا مواظبين على هذا الدعاء من غير أن يصدر عنهم قول يوهم شائبة الجزع والخور والتزلزل في مواقف الحرب ومراصد الدين وفيه من التعريض بالمهزمين مالا يخفى وقرا ابن كثير وعاصم في رواية عنهما برفع قولهم على أنه الاسم والخبر أن وما في حيزها أي ما كان قولهم حينئذ شيئا من الأشياء الا هذا القول المنبىء عن أحاسن المحاسن وهذا كما ترى أقعد بحسب المعني وأوفق بمقتضي المقام لما ان الإخبار بكون قولهم المطلق خصوصية قولهم المحكى عنهم مفصلا كما تفيده قراءتهما اكثر إفادة للسامع