156 - آل عمران .
الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان وهم الذين انهزموا يوم أحد حسبما مرت حكايتهم .
إنما استزلهم الشيطان أي إنما كان سبب انهزامهم أن الشيطان طلب منهم الزلل .
ببعض ما كسبوا من الذنوب والمعاصي التى هي مخالفة أمر النبي وترك المركز والحرص على الغنيمة أو الحياة فحرموا التأييد وقوة القلب وقيل استزلال الشيطان توليهم وذلك بذنوب تقدمت لهم فإن المعاصى يجر بعضها إلى بعض كالطاعة وقيل استزلهم بذنوب سبقت منهم وكرهوا القتل قبل إخلاص التوبة والخروج من المظلمة .
ولقد عفا الله عنهم لتوبتهم واعتذارهم .
إن الله غفور للذنوب .
حليم لا يعاجل بعقوبة المذنب ليتوب والجملة تعليل لما قبلها على سبيل التحقيق وفي إظهار الجلالة تربية للمهابة وتأكيد للتعليل .
يأيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وهم المنافقون القائلون لو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا وإنما ذكر في صدر الصلة كفرهم تصريحا بمباينة حالهم لحال المؤمنين وتنفيرا عن مماثلتهم أثر ذي أثير وقوله تعالى .
وقالوا لأخوانهم تعيين لوجه الشبه والمماثلة التى نهوا عنها أي قالوا لأجلهم وفي حقهم ومعنى أخوتهم أتفاقهم نسبا أو مذهبا .
أذا ضربوا في الأرض أي سافروا فيها وأبعدوا للتجارة أو غيرها وإيثار إذا المفيدة لمعنى الاستقبال على إذا المفيدة المعنى لحكاية الحال الماضية إذ المراد بها الزمان المستمر المنتظم للحال الذي عليه يدور أمر استحضار الصورة قال الزجاج إذا ههنا تنوب عما مضى من الزمان وما يستقبل يعنى أنها لمجرد الوقت أو يقصد بها الاستمرار وظرفيتها لقولهم إنما هي باعتبار ما وقع فيها بل التحقيق أنها ظرف له لا لقولهم كأنه قيل قالوا لأجل ما أصاب إخوانهم حين ضربوا الخ .
أو كانوا أي إخوانهم .
غزا جمع غاز كعفى جمع عاف قال ... ومغبرة الآفاق خاشعة الصوى ... لها قلب عفى الحياض أجون ... .
وقرئ بتخفيف الزاى على حذف التاء من غزاة وإفراد كونهم غزاة بالذكر مع اندراجه تحت الضرب في الأرض لأنه المقصود بيانه في المقام وذكر الضرب في الأرض توطئة له وتقديمه لكثرة وقوعه على أنه قد يوجد بدون الضرب في الأرض إذ المراد به السفر البعيد وإنما لم يقل أو غزوا للإيذان باستمرار أتصافهم بعنوان كونهم غزاة أو بانقضاء ذلك أي كانوا غزاة فيما مضى وقوله تعالى .
لو كانوا عندنا أي مقيمين .
ما ماتوا وما قتلوا مفعول لقالوا ودليل على أن هناك مضمرا قد حذف ثقة به أي إذا ضربوا في الأرض فماتوا أو كانوا غزا فقتلوا وليس المقصود بالنهى عدم مماثلتهم في النطق بهذا القول بل في الاعتقاد بمضمونه والحكم بموجبه كما أنه المنكر على قائلية إلا يرى إلى قوله D .
ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم فإنه الذي جعل حسرة فيها قطعا وإليه أشير كما نقل عن الزجاج أنه إشارة إلى ظنهم أنهم لو لم يحضروا القتال لم يقتلوا وتعلقه بقالوا ليس باعتبار نطقهم بذلك القول بل باعتبار ما فيه من الحكم والاعتقاد واللام