132133134 - 4 النساء .
من الخلائق قاطبة مفتقرون إليه في الوجود وسائر النعم المتفرعة عليه لا يستغنون عن فيضه طرفة عين فحقه أن يطاع ولا يعصى ويتقى عقابه ويجى ثوابه وقد قرر ذلك بقوله تعالى .
وكان الله غنيا اى عن الخلق وعبادتهم .
حميدا محمودا في ذاته حمدوه أو لم يحمدوه فلا يتضرر بكفرهم ومعاصيهم كما لا ينتفع بشكرهم وتقواهم وإنما وصاهم بالتقوى لرحمته لا لحاجته .
ولله ما في السموات وما في الأرض كلام مبتدأ مسوق للمخاطبين توطئة لما بعده من الشرطية غير داخل تحت القول المحكى اى له سبحانه ما فيهما من الخلائق خلقا وملكا يتصرف فيهم كيفما يشاء إيجادا وإعداما وإحياء وإماتة .
وكفى بالله وكيلا في تدبير أمور الكل وكل الأمور فلا بد من أن يتوكل عليه لا على أحد سواه .
إن يشأ يذهبكم أيها الناس أى يفنكم ويستأصلكم بالمرة .
ويآت بآخرين اى يوجد دفعة مكانكم قوما آخرين من البشر او خلقا آخرين مكان الإنس ومفعول المشئية محذوف لكونه مضمون الجزاء أى أن يشأ إفناءكم وإيجاد آخرين يذهبكم الخ يعنى ان إبقاءكم على أما أنتم عليه من العصيان إنما هو لكمال غناه عن طاعتكم ولعدم تعلق مشيئته المبنية على الحكم البالغة بإفنائكم لا لعجزه سبحانه تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
وكان الله على ذلك أى على إفناءكم بالمرة وإيجاد آخرين دفعة مكانكم .
قديرا بليغ القدرة وفيه لا سيما في توسيط الخطاب بين الجزاء وما عطف عليه من تشديد التهديد ما لا يخفى وقيل هو خطاب لمن عادى رسول الله من العرب أى إن يشأ يمتكم ويأت بأناس آخرين يوالونه فمعناه هو معنى قوله تعالى وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم ويروى أنها لما نزلت ضرب رسول الله بيده على ظهر سلمان وقال إنهم قوم هذا يريد أبناء فارس .
من كان يريد ثواب الدنيا كالمجاهد يريد بجهاده الغنيمة .
فعند الله ثواب الدنيا والآخرة أى فعنده تعالى ثوابهما له إن أراده فما له يطلب أخسهما فليطلبهما كمن يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة او ليطلب أشرفهما فإن من جاهد خالصا لوجه الله تعالى لم تخطئه الغنيمة وله في الآخرة ما هي في جنبه كلا شئ أى فعند الله ثواب الدارين فيعطى كلا ما يريده كقوله تعالى من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه الآية .
وكان الله سميعا بصيرا عالما بجميع المسموعات والمبصرات فيندرج فيها ما صدر عنهم من الأقوال والأعمال المتعلقة بمراداتهم اندراجا اوليا