المائدةآية 53 .
انقلب الفعل مرفوعا كما في قول من قال ألا ايهذا الزاجري أحضر الوغى والمراد بهم عبد الله بن أبي وأضر به الذين كانوا يسارعون في موادة اليهود ونصاري نجران وكانوا يعتذرون إلى المؤمنين بأنهم لا يأمنون أن تصيبهم صروف الزمان وذلك قوله تعلى يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة وهو حال من ضمير يسارعون والدائرة من الصفات الغالبة التي لا يذكر معها موصوفها أي تدور علينا دائرة من دوائر الدهر ودولة من دولة بأن ينقلب الأمر وتكون الدولة للكفار وقيل يخشى أن يصيبنا مكروه من مكاره الدهر كالجدب والقحط فلا يعطونا الميرة والقرض روي أن عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه قال لرسول الله إن لي موالي من اليهود كثيرا عددهم وإني أبرأ إلىى الله ورسوله من ولايتهم وأوالي الله ورسوله فقال عبد الله بن أبي إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي وهو يهود بني قينقاع ولعله يظهر للمؤمنين أنه يريد بالدوائر المعنى الأخير ويضمر في نفسه المعنى الأول وقوله تعالى فعسى الله أن يأتي بالفتح رد من جهة الله تعالى لعللهم الباطلة وقطع أطماعهم الفارغة وتبشير للمؤمنين بالظفر فإن عسى منه سبحانه وعد محتوم لما أن الكريم إذا أطمع أطعم لا محالة فما ظنك بأكرم الأكرمين وأن يأتي في محل النصب على أنه خبر عسى وهو رأي الأخفش أو على أنه مفعول به وهو رأي سيبويه لئلا يلزم الإخبار عن الجثة بالحدث كما في قولك عسى زيدا أن يقوم والمراد بالفتح فتح مكة قاله الكلبي والسدي وقال الضحاك فتح قرى اليهود من خيبر وفدك وقال قتادة ومقاتل هو القضاء الفصل بنصره على من خالفه وإعزاز الدين أو أمر من عنده بقطع شأفة اليهود من القتل والإجلاء فيصبحوا أي أولئك المنافقون المتعللون بما ذكر وهو عطف على يأتي يأتي داخل معه في حيز خبر عيسى وإن لم يكن فيه ضمير يعود إلى اسمها فإن فاء السببية مغنية عن ذلك فإنها تجعل الجملتين جملة واحدة على ما أسروا في أنفسهم نادمين وهو ما كانوا يكتمونه في أنفسهم من الكفر والشك في أمره وتعليق الندامة به لا بما كانوا يظهرونه من موالاة الكفر لما أنه الذي كان يحملهم على الموالاة ويغريهم عليها فدل ذلك على ندامتهم عليها بأصلها وسببها ويقول الذي آمنوا كلام مبتدأ مسوق لبيان كمال سوء حال الطائفة المذكورة وقرىء بغير واو على أنه جواب سؤال نشأ مما سبق كأنه قيل فماذا يقول المؤمنون حينئذ و 5 قرىء ويقول بالنصب عطفا على يصبحوا وقيل على يأتي باعتبار المعنى كأنه قيل فعسى أن يأتي الله بالفتح ويقول الذين آمنوا والأول أوجه لأن هذا القول إنما يصدر عن المؤمنين عند ظهور ندامة المنافقين لا عند إتيان الفتح فقط والمعنى ويقول الذين آمنوا مخاطبين لليهود مشيرين إلى المنافقين الذين كانوا يوالونهم ويرجون دولتهم ويظهرون لهم غاية المحبة وعدم المفارقة عنهم في السراء والضراء عند مشاعدتهم لخيبة رجائهم وانعكاس تقديرهم بوقوع ضد ما كانوا يترقبونه ويتعللون به تعجيبا للمخاطبين من حالهم وتعريضا بهم أهؤلاء الذين