المائدة آية 113 .
السلام فإنه ليس بخطاب وإنما هو حكاية خطاب بل لأن الخطاب لمن خوطب بقوله تعالى واتقوا الله الآية فتأمل كأنه قيل للنبي عقيب حكاية ما صدر عن الحواريين من المقالة المعجودة من نعم الله تعالى الفائضة على عيسى عليه السلام اذكر للناس وقت قولهم الخ وقيل هو ظرف لقالوا أريد به التنبيه على أن ادعاءهم الإيمان والإخلاص لم يكن عن تحقيق وإيقان ولا يساعده النظم الكريم يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء اختلف في أنهم هل كانوا مؤمنين أو لا فقيل كانوا كافرين شاكين في قدرة الله تعالى على ما ذكروا وفي صدق عيسى عليه السلام كاذبين في دعوى الإيمان والإخلاص وقيل كانوا مؤمنين وسؤالهم للاطمئنان والتثبت لا لإزاحة الشك وهل يستطيع سؤال عن الفعل دون القدرة عليه تعبيرا عنه بلازمه وقيل الاستطاعة على ما تقتضيه الحكمة والإرادة لا على ما تقتضيه القدرة وقيل المعنى هل يطيع ربك بمعنى هل يجيبك واستطاع بمعنى أطاع كاستجاب بمعنى أجاب وقرىء هل تستطيع ربك أي سؤال ربك والمعنى هل تسأله ذلك من غير صارف يصرفك عنه وهي قراءة علي وعائشة وابن عباس ومعاذ Bهم وسعيد بن جبير في آخرين والمائدة الخوان الذي عليه الطعام من مالده إذا أعطاه ورفده كأنها تميد من تقدم إليه ونظيره قولهم شجرة مطعمة وقال أبو عبيد هي فاعلة بمعنى مفعول كعيشة راضية قاللأاستئناف مبني على سؤال ناشىء مما قبله كأنه قيل فماذا قال لهم عيسى عليه السلام حين قالوا ذلك فقيل قال اتقوا الله أي من أمثال هذا السؤال إن كنتم مؤمنين أي بكمال قدرته تعالى وبصحة نبوتي أو إن صدقتم في ادعاء الإيمان والإسلام فإن ذلك مما يوجب التقوى والاجتناب عن أمثال هذه الاقتراحات وقيل أمرهم بالتقوى ليصير ذلك ذريعة لحصول المسئول كقوله تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وقوله تعالى يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة قالوا استئنا كما سبق نريد أن نأكل منها تمهيد عذر وبيان لما دعاهم إلى السؤال أي لسنا نريد بالسؤال إزاحة شبهتنا في قدرته سبحانه على تنزيلها أو في صحة نبوتك حتى يقدح ذلك في الإيمان والتقوى بل نريد أن نأكل منها أي أكل تبرك وقيل أكل حاجة وتمتع وتطئن قلوبنا بكمال قدرته تعالى وإن كنا مؤمنين به من قبل فإن انضمام علم المشاهدة إلى العلم الاستدلالي مما يوجب ازدياد الطمأنينة وقوة اليقين ونعلم أي علما يقينيا لا يحوم حوله شائبة شبهة اصلا وقرىء ليعلم على البناء للمفعول أن قد صدقتنا أن هي المخففة من أن وضمير الشأن محذوف أي ونعلم أنه قد صدقتنا في دعوى النبوة وأن الله يجيب دعوتنا وإن كنا عالمين بذلك من قبل ونكون عليها من الشاهدين نشهد عليها عند الذين لم يحضروها من بني إسرائيل ليزداد المؤمنون منهم بشهادتنا طمأنينة ويقينا ويؤمن بسببها كفارهم أو من الشاهدين للعين دون السامعين للخبر وعليها متعلق بالشاهدين إن جعل اللام للتعريف وبيان لما يشهدون عليه