الأنعام آية 160 161 .
لبيان أحوال أهل الكتابين إثر بيان حال المشركين أي بددوه وبعضوه فتمسك بكل بعض منه فرقة منهم وقرىء فارقوا أي باينوا فإن ترك بعضه وإن كان بأخذ بعض منه ترك للكل ومفارقة له وكانواشيعا أي فرقا تشيع كل فرقة إماتما لها قال افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة وافترقت النصارى اثنتين وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهم في الهاوية إلا واحدة واستثناء الواحدة من فرق كل من أهل الكتابين إنما هو باتلنظر إلى العصر الماضي قبل النسخ وأما بعده فالكل في الهاوية وإن اختلفت اسباب دخولهم فمعنى قوله تعالى لست منهم في شيء لست من البحث عن تفرقهم والتعرض لمن يعاصرك منهم بالمناقشة والمؤاخذة وقيل من قتالهم في شيء سوى تبليغ الرسالة وإظهار شعائر الدين الحق الذي أمرت بالدعوة إليه فيكون منسوخا بآية السيف وقوله تعالى إنما أمرهم إلى الله تعليل للنفي المذكور أي هو يتولى وحده أمر أولاهم وأخراهم ويدبره كيف يشاء حسبما تقتضيه الحكمة يؤاخذهم في الدنيا متى شاء ويأمر بقتالهم إذا أراد وقيل المفرقون أهل البدع والأهواء الزائغة من هذه الأمة ويرده أنه مأمور بمؤاخذتهم والاعتذار بأن معنى لست منهم في شيء حينئذ أنت برىء منهم ومن مذهبهم وهم براء منك يأباه التعليل المذكور ثم ينبئهم أي يوم القيامة بما كانوا يفعلون عبر عن إظهاره بالتنبئة لما بينهما من الملابسة في انهما سببان للعلم تنبيها على انهم كانوا جاهليل بحال ما ارتكبوه غافلين عن سوء عاقبته أي يظهر لهم على رءوس الأشهاد ويعلمهم أي شيء شنيع كانوا يفعلونه في الدنيا على الاستمرار ويرتب عليه ما يليق به من الجزاء وقوله تعالى من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها استئناف مبين لمقادير أجزيةالعاملين وقد صدر ببيان أجزية المحسنين المدلول عليهم بذكر أضدادهم ال عطاء عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم يريد من عمل من المصدقين حسنة كتبت له عشر حسنات أي من دجاء يوم القيامة بالأعمال الحسنة من المؤمنين إذلا حسنة بغير غيمان فله عشر حسنات أمثالها تفضلا من الله D وقرىء عشر بالتنوين وأمثالها بالرفع على الوصف وهذا أقل ما وعد من الأضعاف وقد جاء الوعد بسبعين وبسبعمائة وبغير حساب ولذلك قيل المراد بذكر العشر بيان الكثرة لا الحصر في العدد الخاص ومن جاء بالسيئة أي بالأعمال السيئة كائنا من كان من العاملين فلا يجزىء إلا مثلها بحكم الوعد واحدة بواحدة وهم لا يظلمون بنقص الثواب وزيادة العقاب قل إنني هداني ربي أمر رسول الله بأن يبين لهم ما هو عليه من الدين الحق الذين يدعون أنهم عليه وقد فارقوه بالكلية وتصدير الجملة بحرف التحقيق لإظهار كمال الاعتناء بمضمونها والتعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره لمزيد تشريفة أي قل لأولئك المفرقين أرشدني ربي بالوحي وبما نصب في الآفاق والأنفس من الآيات التكوينية إلى صراط مستقيم موصل إلى الحق