البقرة 30 .
من خلق السموات والارض وما فيها على هذا النمط البديع المنطوى على الحكم الفائقة والمصالح اللائقة فإن علمه D بجميع الاشياء ظاهرها وباطنها بارزها وكامنها وما يليق بكل واحد منها يستدعي ان يخلق كل ما يخلقه على الوجه الرائق وقرئ وهو بسكون الهاء تشبيها له بعضد .
وإذ قال ربك بيان لأمر آخر من جنس الامور المتقدمة المؤكدة للإنكار والاستبعاد فإن خلق آدم عليه السلام وما خصه به من الكرامات السنية المحكية من اجل النعم الداعية لذريته الى الشكر والإيمان الناهية عن الكفر والعصيان وتقرير لمضمون ما قبله من قوله تعالى خلق لكم ما في الارض جميعا وتوضيح لكيفية التصرف والانتفاع بما فيها وتلوين الخطاب بتوجيهه الى النبي خاصة للإيذان بأن فحوى الكلام ليس مما يهتدى اليه بأدلة العقل كالأمور المشاهدة التي نبه عليها الكفرة بطريق الخطاب بل انما طريقة الوحى الخاص به عليه السلام وفي التعرض لعنوان الربوبية المنبئة عن التبيلغ الى الكمال مع الضافة الى ضميره عليه السلام من الإنباء عن تشريفه عليه السلام ما لا يخفى واذ ظرف موضوع لزمان نسبة ماضية وقع فيه نسبة اخرى مثلها كما ان اذا موضوع لزمان نسبة مستقبلة يقع فيه اخرى مثلها ولذلك يجب اضافتهما الى الجمل وانتصابه بمضمر صرح بمثله في قوله D واذكروا اذ كنتم قليلا فكثركم وقوله تعالى واذكروا اذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وتوجيه الامر بالذكر الى الوقت دون ما وقع فيه من الحوادث مع انها المقصودة بالذات للمبالغة في ايجاب ذكرها لما ان ايجاب ذكر الوقت ايجاب لذكر ما وقع فيه بالطريق البرهاني ولان الوقت مشتمل عليها فإذا استحضر كانت حاضرة بتفاصيلها كأنها مشاهدة عيانا وقيل ليس انتصابه علىالمفعوليه بل على تأويل اذكر الحادث فيه بحذف المظروف وإقامة الظرف مقامه وأياما كان فهو معطوف على مضمر آخر ينسحب عليه الكلام كأنه قيل له عليه السلام غب ماأوحى إليه ما خوطب به الكفرة من الوحى الناطق بتفاصيل الأمور السابقة الزاجرة عن الكفر به تعالى ذكرهم بذلك واذكر لهم هذه النعمة ليتنبهوا بذلك لبطلان ما هم فيه وينتهوا عنه واما ما قيل من أن المقدر هواشكر النعمة في خلق السموات والأرض أو تدبر ذلك فغير سديد ضرورةأن مقتضى المقام تذكير المخلين بمواجب الشكر وتنبيههم على ما يقتضيه وأين ذاك من مقامه الجليل وقيل انتصابه بقوله تعالى قالوا ويأباه أنه يقتضى أن يكون هو المقصود بالذات دون سائر القصة وقيل بما سبق من قوله تعالى وبشر الذين آمنوا ولا يخفى بعده وقيل بمضمر دل عليه مضمون الآية المتقدمة مثل وبدأ خلقكم إذ قال الخ ولا ريب في أنه لا فائدة في تقييد بدء الخلق بذلك الوقت وقيل بخلقكم أو بأحياكم مضمرا وفيه ما فيه وقيل إذ زائدة ويعزى ذلك إلى أبي عبيد ومعمر وقيل أنه بمعنى قد واللام في قوله عز قائلا .
للملائكة للتبليغ وتقديم الجاروالمجرور في هذا الباب مطرد لما في المقول من الطول غالبا مع ما فيه من