الأعراف آية 304 .
وإذا قرىء القرآن فاستمعوا له إرشاد إلى طريق الفوز بما أشير إليه من المنافع الجليلة التي ينطوي عليها القرآن أي وإذا قرىء القرآن الذي ذكرت شئونه العظيمة فاستمعوا له استماع تحقيق وقبول وأنصتوا أي واسكتوا في خلال القراءة وراعوها إلى انقضائها تعظيما له وتكميلا للاستماع لعلكم ترحمون أي تفوزون بالرحمة التي هي أقصى ثمراته وظاهر النظم الكريم يقتضي وجوب الاستماع والإنصات عند قراءة القرآن في الصلاة وغيرها وقيل معناه إذا تلا عليكم الرسول القرآن عند نزوله فاستمعوا له وجمهور الصحابة رضي الله تعالى عنهم على أنه في استماع المؤتم وقد روي أنهم كانوا يتكلمون في الصلاة فأمروا باستماع قراءة الإمام والإنصات له وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي قرأ في المكتوبة وقرأ أصحابه خلفه فنزلت وأما خارج الصلاة فعامة العلماء على استحبابهما والآية إما من تمام القول به أو استئناف من جهته تعالى فقوله تعالى واذكر ربك في نفسك على الأول عطف على قل وعلى الثاني فيه تجريد للخطاب إلى رسول الله وهو عام في الأذكار كافة فإن الإخفاء أدخل في الإخلاص وأقرب من الإجابة تضرعا وخيفة أي متضرعا وخائفا ودون الجهر من القول أي ومتكلما دون الجهر فإنه أقرب إلى حسن التفكر بالغدوا والآصال متعلق باذكر أي اذكره في وقت الغدوات والعشيات وقرىء والإيصال وهو مصدر آصل أي دخل في الأصيل موافق للغدو ولا تكن من الغافلين عن ذكر الله تعالى إن الذين عند ربك وهم الملائكة عليهم السلام ومعنى كونهم عنده سبحانه وتعالى قربهم من رحمته وفضله لتوفرهم على طاعته تعالى لا يستكبرون عن عبادته بل يؤدونها حسبما أمروا به ويسبحونه أي ينزهونه عن كل ما لا يليق بجناب كبريائه وله يسجدون أي يخصونه بغاية العبودية والتذلل لا يشركون به شيئا وهو تعريض بسائر المكلفين ولذلك شرع السجود عند قراءته عن النبي إذا قرأ ابن آدم آية السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي فيقول يا ويله أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار وعنه من قرأ سورة الأعراف جعل الله تعالى يوم القيامة بينه وبين إبليس سترا وكان آدم عليه السلام شفيعا له يوم القيامة