البقرة 42 .
بزمانه كما سيجيء فلا تضعوا موضع ما يتوقع منكم ويجب عليكم مالا يتوهم صدوره عنكم من كونكم أول كافر به ووقوع أول كافر به خبرا من ضمير الجمع بتأويل أول فريق أو فوج أوبتأويل لا يكن كل واحد منكم أو كافر به كقولك كسانا حلة ونهيهم عن التقدم في الكفر به مع أن مشركي العرب أقدم منهم لما أن المراد به التعريض لا الدلالة على ما نطق به الظاهر كقولك أما أنا فلست بجاهل لأن المراد نهيهم عن كونهم أو كافر من أهل الكتاب أو ممن كفر بما عنده فإن من كفر بالقرآن فقد كفر بما يصدقه أو مثل من كفر من مشركي مكة وأول أفعل لا فعل له وقيل أصله أوأل من وأل إليه إذا نجا وخلص فأبدلت الهمزة واوا تخفيفا غير قياسي أو أأول من آل فقلبت همزته واوا وادغمت .
ولا تشتروا بآياتي أي لا تأخذوا لأنفسكم بدلا منها .
ثمنا قليلا من الحظوظ الدنيوية فإنها وإن جلت قليلة مسترذلة بالنسبة إلى ما فات عنهم من حظوظ الآخرة بترك الإيمان قيل كانت لهم رياسة في قومهم ورسوم وهدايا فخافوا عليها لو اتبعوا رسول الله فاختاروها على الإيمان وإنما عبر عن المشترى الذي هو العمدة في عقود المعاوضة والمقصود فيها بالثمن الذي شأنه أن يكون وسيلة فيها وقرنت الايات التي حقها أن يتنافس فيها المتنافسون بالباء التي تصحب الوسائل إيذانا بتعكيسهم حيث جعلوا ما هو المقصد الأصلي وسيلة والوسيلة مقصدا .
وإياي فاتقون بالإيمان واتباع الحق والإعراض عن حطام الدنيا ولما كانت الاية السابقة مشتملة على ما هو كالمبادى لما في الاية الثانية فصلت بالرهبة التي هي من مقدمات التقوى أو لأن الخطاب بها لما عم العالم والمقلد أمر فيها بالرهبة المتناولة للفريقين وأما الخطاب بالثانية فحيث خص بالعلماء أمر فيها بالتقوى الذي هو المنتهى .
ولا تلبسوا الحق بالباطل عطف على ما قبله واللبس الخلط وقد يلزمه الاشتباه بين المختلطين والمعنى لا تخلطوا الحق المنزل بالباطل الذي تخترعونه وتكتبونه حتى يشتبه أحدهما بالآخر أو لا تجعلوا الحق ملتبسا بسب الباطل الذي تكتبونه في تضاعيفة أو تذكرونه في تأويله .
وتكتموا الحق مجزوم داخل تحت حكم النهى كأنهم أمروا بالإيمان وترك الضلال ونهوا عن الإضلال بالتلبيس على من سمع الحق والإخفاء عمن لم يسمعه أو منصوب بإضمار أن على أن الواو للجمع أي لا تجمعوا بين لبس الحق بالباطل وبين كتمانه ويعضده أنه في مصحف ابن مسعود وتكتمون أي وأنتم تكتمون أي كاتمين وفيه إشعار بأن الستقباح اللبس لما يصحبه من كتمان الحق وتكرير الحق إما لأن المراد بالأخير ليس عين الأول بل هو نعت النبي الذي كتموه وكتبوا مكانه غيره كما سيجيء في قوله تعالى فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم وإما لزيادة تقبيح المنهى عنه إذ في التصريح باسم الحق ما ليس في ضميره .
وأنتم تعلمون أي كونكم عالمين بأنكم لابسون كاتمون أو وأنتم تعلمون أنه حق أو وأنتم من أهل العلم وليس إيراد الحال لتقييد النهى به كما في قوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى بل لزيادة تقبيح حالهم إذ الجاهل عسى يعذر