فصل في معرفة الله D و معرفة صفاته و أسمائه ـ حقيقة المعرفة أن تعرفه موجودا قديما لم يزل و لا يفنى أحدا صمدا شيئا واحدا لا يتصور في الوهم و لا يتبعض و لا يتجزأ ليس بجوهر و لا عرض و لا جسم قائما بنفسه مستغنيا عن غيره حيا قادرا عالما مريدا سميعا بصيرا متكلما له الحياة و القدرة و العلم و الإرادة و السمع و البصر و الكلام لم يزل و لا يزال هو بهذه الصفات و لا يشبه شيء منها شيئا من صفات المصنوعات و لا يقال فيها : أنها هو و لا غيره و لا هي هو و غيره و لا يقال أنها تفارقه أو تجاوزه أو تخالفه أو توافقه أو تحله بل هي نعوت له أزلية و صفات له أبدية تقوم به موجودة بوجوده دائمة بدوامه ليست بأعراض و لا بأغيار و لا حالة في أعضاء غير مكيفة بالتصور في الأذهان و لا مقدورة بالتمثيل في الأوهام فقدرته تعم المقدورات و علمه يعم المعلومات و إرادته تعم المرادات لا يكون إلا ما يريد و لا يريد ما لا يكون و هو المتعالي عن الحدود و الجهات و الأقطار و الغايات المستغني عن الأماكن و الأزمان لا تناله الحاجات و لا تمسه المنافع و المضرات و لا تلحقه اللذات و لا الدواعي و لا الشهوات و لا يجوز عليه شيء مما جاز على المحدثات فدل على حدوثها و معناه أنه لا يجوز عليه الحركة و لا السكون و الاجتماع و الافتراق و المحاذاة و المقابلة و المماسة و المجاورة و لا قيام شيء حادث به و لا بطلان صفة أزلية عنه و لا يصح عليه العدم و يستحيل أن يكون له ولد أو زوجة أو شريك قادر على إماتة كل حي غيره و يجوز منه إفناء كل شيء غيره و إعادته الأجسام بعده و خلق أمثالها من غير قصر على حد قادر على كل شيء يتوهم على الانفراد حدوثه له الملك و له الحكم كل ما أنعم به بفضل منه و كل ما أكرمه عدل منه لا يجوز عليه جور و لا يصح منه ظلم