باب الدليل على أن الطاعات كلها إيمان ـ قال الله D في وصف المؤمنين : { إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم و إذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا } إلى قوله : { أولئك هم المؤمنون حقا } فأخبر أن المؤمنين هم الذين جمعوا هذه الأعمال فدل ذلك على أنها من جوامع الإيمان قال الحليمي C تعالى : إذا ثبت لك أن الموصوفين في هذه الآية إنما استوجبوا اسم المؤمنين حقا لمكان الأعمال التي وصفهم الله تعالى بها و لم تكن الأعمال المتعبد بها هذه وحدها ـ صح أن المراد بذكرها هي و ما في معناها من الأعمال المفروضة أو المندوب إليها فالصلاة إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأبدان خاصة و الإنفاق مما رزق الله إشارة إلى الطاعات التي تقام بالأموال وجل القلب إشارة الاستقامة من كل وجه و يدخل فيها إقامة الطاعات و الانزجار عن المعاصي قال : و الآية فيمن ذكر الله وجل قلبه و ليس ارتكاب المعاصي و مخالفة الأوامر من إمارات الوجل و الآية فيمن إذا تليت عليه آيات الله زادته إيمانا و ليس التخلف عن الفرائض و القعود عن الواجبات اللوازم من زيادة الإيمان بسبيل فصح أن الذين نفينا أن يكونوا مؤمنين حقا و أوجبنا أن يكونوا ناقصي الإيمان غير داخلين في الآية قال الله D : { و لكن الله حبب إليكم الإيمان و زينه في قلوبكم و كره إليكم الكفر و الفسوق و العصيان } فقابل بين ما حببه إلينا و بين ما كره إلينا ثم أفرد الإيمان بالذكر فيما حبب و قابله بالكفر و الفسوق فيما كره فدل ذلك على أن للإيمان ضدين أو أن من الإيمان ما ينقضه الكفر و من الإيمان ما ينقضه الفسوق و في ذلك ما أبان أن الطاعات كلها إيمان و لولا ذلك لم يكن الفسوق ترك الإيمان و الله أعلم قال الحافظ أبو بكر البيهقي ـ C : و فصل بين الفسق و العصيان و في ذلك دلالة على أن المعاصي ما لا يفسق به و إنما يفسق بارتكاب ما يكون منها من الكبائر أو الإصرار على ما يكون منها من الصغائر و اجتناب جميع ذلك من الإيمان و بالله التوفيق و قال الله تعالى : { و ما كان الله ليضيع إيمانكم } و أجمع المفسرون على أنه أراد به : صلاتكم إلى بيت المقدس فثبت أن الصلاة إيمان و إذا ثبت ذلك فكل طاعة إيمان إذ لا فرق يفرق بينهما قال الإمام أحمد البيهقي : و قد روينا في الحديث الثابت عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب في صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد ما قدم المدينة قبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى البيت و أنه مات قبل أن تحول رجال و قتلوا فلم يدر ما نقول فيهم فأنزل الله D : { وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرؤوف رحيم }