فصل في أصحاب الكبائر من أهل القبلة إذا وافوا القيامة بلا توبة قدموها ـ قال أصحاب Bه أمرهم إلى الله ـ تعالى جده ـ فإن شاء عفا عنهم مبتديا و إن شاء شفع فيهم نبيهم صلى الله عليه و سلم و إن شاء أمر بإدخالهم النار فكانوا معذبين مدة ثم أمر بإخراجهم منها إلى الجنة إما بشفاعة و إما بغير شفاعة و لا يخلد في النار إلا الكفار و استدلوا بقول الله عز و جل : { بلى من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته } و أخبر أن التخليد في النار إنما هو لمن أحاطت به خطيئته و المؤمن صاحب الكبيرة أو الكبائر لم تحط به خطيئته لأن رأس الخطايا هو الكفر و هو غير موجود منه فصح أنه لا يخلد في النار فإن قيل هذا معارض بقوله عز و جل : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } فوعد الجنة من جمع بين أصل الإيمان و فروعه و صاحب الكبيرة أو الكبائر تارك الصالحات فصح أن وعد الجنة ليس له قيل له : المتعاطي لها إذا تاب منها و وافى القيامة تائبا تاركا للصالحات غير جامع بين الإيمان و فروعه و مع ذلك فإن يدخل الجنة و توبته لا تقوم مقام ما ترك من الصالحات لأنه كان عليه أن يكون نازعا عن الشر أبدا فإذا أقدم عليه وقتا ثم نزع عنه وقتا كان بذلك الفرد مبعضا و بعض الفرض لا يجوز أن يكون بدلا عن جميعه و إذا جاز أن يمن الله تعالى على التائب فيكفر بتوبته خطاياه لم لا يجوز أن يمن على المصر فيكفر بإيمانه الذي هو أحسن الحسنات خطاياه ؟ و يكفر بصلواته و ما يأتي به الحسنات ما فرط منه مدة من سيئاته ؟ كما قال تعالى : { إن الحسنات يذهبن السيئات } ذلك و إنما افترقا في أن التائب مغفور له من غير تعذيب و المصر قد يعذب بذنبه مدة ثم يدخل الجنة لأن خبر الصادق بذلك ورد و استدل أصحابنا بقوله تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء } و لا يجوز أن يفرض في خبر الله خلف و بذلك وردت السنة أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم