359 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا إبراهيم بن عصمة بن إبراهيم ثنا السري بن خزيمة ثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة Y عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : .
يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين اثنان على بعير و ثلاثة على بعير و أربعة على بعير و عشرة على بعير و تحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا و تبيت معهم حيث باتوا و تصبح معهم حيث أصبحوا و تمسي معهم حيث أمسوا .
ورواه البخاري عن معلى بن أسد .
و أخرجه مسلم من وجه آخر عن وهيب .
قال الحليمي C : فيحتمل أن يكون قول النبي صلى الله عليه و سلم : يحشر الناس على ثلاث طرائق أشار إلى الأبرار و المخلطين و الكفار فالأبرار الراغبون إلى الله جل ثناءه فيما أعد لهم من ثوابه و الراهبين الذين هم بين الخوف و الرجاء فأما الأبرار فإنهم يؤتون بالنجائب كما روي في حديث علي و أما المخلطون فهم الذين أريدوا في هذا الحديث أنهم يحلمون على الأبعرة و الأشبه أنها لا تكون من نجائب الجنة لأن من هؤلاء من لا يغفر له ذنوبه حتى يعاقب بها بعض العقوبة و من أكرم بشيء من نعيم الجنة لم يهن بعده بالنار .
قال البيهقي C : و روى علي بن زيد بن جدعان و ليس بالقوي عن أوس بن خالد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم : يحشر الناس يوم القيامة على ثلاثة أصناف ركبانا و مشاة و على وجوههم فقال رجل يا رسول الله ! و يمشون على وجوههم ؟ قال : الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم .
و هذا إن صح فكأن بعض المخلطين من المؤمنين يكون راكبا كما جاء في الحديث الأول و بعضهم يكون ماشيا كما جاء في الحديث أو يركب في بعض الطريق و يمشي في بعض .
و أما المشاة على وجوههم فهم الكفار و يحتمل أن يكون بعضهم أعتى من بعض فؤلاء يحشرون على وجوههم و الذين هم أتباع يمشون على أقدامهم فإذا سيقوا من موقف الحساب إلى جهنم سحبوا على وجوههم قال الله عز و جل : .
{ يوم يسحبون في النار على وجوههم } .
و قال : { الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا } .
و يكونون في تلك الحالة عميا و بكما و صما قال الله تعالى : .
{ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم } .
و قبل ذلك يكونون كاملي الحواس و الجوارح لقوله تعالى : .
{ يتعارفون بينهم } .
و قوله : { يتخافتون بينهم إن لبثتم إلا عشرا } .
و سائر ما أخبر الله عز و جل عنهم من أقوالهم و نظرهم و سمعهم فإذا أدخلوا النار ردت إليهم حواسهم ليشاهدوا النار و ما أعد لهم فيها من العذاب قال الله تعالى : .
{ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير * قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا } .
و سائر ما أخبر الله عنهم من أقوالهم و سمعهم و نظرهم فإذا نودوا بالخلود سلبوا أسماعهم قال الله عز و جل : .
{ لهم فيها زفير و هم فيها لا يسمعون } .
و قد قيل إنهم يسلبون أيضا الكلام لقوله تعالى : .
{ اخسؤوا فيها ولا تكلمون } .
و روينا عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قام في الناس فوعظهم فقال : أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا ثم قرأ : .
{ كما بدأنا أول خلق نعيده } .
و إن أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام .
و عن عائشة Bها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : .
تخشرون يوم القيامة حفاة عراة غرلا فقلن : يا رسول الله الرجال من النساء ؟ فقال يا عائشة ! الأمر يومئذ أشد من ذلك .
و الذي يدل عليه ما قدمناه ذكره أن ذلك يكون حال خروجهم من قبورهم ثم يكرم المتقون و من شاء من المخلطين المؤمنين بالكسوة و الركوب كما قدمنا ذكره و الله أعلم .
و الذي روي في حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم يبعث الميت في ثيابه التي يموت فيها يحتمل أن يكون المراد في أعماله التي يموت عليها من خير أو شر كقوله صلى الله عليه و سلم في رواية جابر يبعث كل عبد على ما مات عليه .
و قد يحتمل أن يبعث في ثيابه التي يموت فيها ثم تتناثر عنه أو عن بعضهم ثم يحشر إلى موقف الحساب عاريا ثم يكسى بعد ذلك من ثياب الجنة و الله أعلم .
و أما قول الله عز و جل في صفة الكفار يوم القيامة : { خاشعة أبصارهم } و قوله : { خشعا أبصارهم } فإن المراد بذلك و الله أعلم حال مضيهم إلى الموقف و قوله : { مهطعين مقنعي رؤوسهم } .
و إنما هو إذا طال القيام عليهم في الموقف فيصيرون في الحيرة كأنهم لا قلوب لهم و يرفعون رؤوسهم فينظرون النظر الطويل الدائم و لا يرتد إليه طرفهم كأنهم قد نسوا الغمض أو جهلوه و الناس في القيامة لهم أحوال و مواقف و اختلف الأخبار عنهم لاختلاف مواقفهم و أحوالهم و أما قول الله عز و جل : .
{ فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } .
فقد روينا عن أنه قال : هذا في النفخة الأولى ينفخ في الصور فيصعق من في السموات و من في الأرض إلا من شاء الله { فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون } ثم إذا نفخ في النفخة الأخرى قاموا { فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون }