395 - أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يوسف الأصبهاني أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة ثنا سعدان بن نصر ثنا أبو معاوية الضرير ثنا الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان أبي عمر عن البراء بن عازب قال Y خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر و لما يلحد قال : فجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم و جلسنا حوله كان على رؤوسنا الطير و في يده عود ينكت به قال : فرفع رأسه و قال : .
استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن الرجل المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه و كأن وجوههم الشمس معهم حنوط من حنوط الجنة و كفن من كفن الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول : أيتها النفس الطيبة ! اخرجي إلى مغفرة من الله و رضوان قال فتخرج نفسه فتسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعها في يده طرفة عين حتى يأخذها فيجعلها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و تخرج منها كأطيب نفحة ريح مسك وجدت على ظهر الأرض فلا يمرون بملأ من الملائكة إلا قالوا : ما هذه الريح الطيبة ! فيقولون فلان بن فلان ! بأحسن أسمائه الذي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي بها إلى السماء السابعة فيقول الله D اكتبوا عبدي في عليين في السماء السابعة و أعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان : من ربك ؟ فيقول : ربي الله فيقولان : و ما دينك ؟ فيقول : ديني الإسلام فيقولان : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هو رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقولان و ما يدريك فيقول : قرأت كتاب الله D فآمنت به و صدقت قال : فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة و البسوه من الجنة و افتحوا له بابا من الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و يفسح له في قبره مد بصره و يأتيه رجل حسن الوجه طيب الريح فيقول له أبشر بالذي يسرك فهذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول : أنا عملك الصالح فيقول : رب أقم الساعة ! رب أقم الساعة ! حتى أرجع إلى أهلي و مالي .
و أما العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يأتيه ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط الله و غضبه قال : فتفرق في جسده فينتزعها و معها العصب و العروق كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذونها فيجعلونها في تلك المسوح قال : و يخرج منها أنتن من جيفة وجدت على وجه الأرض فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الخبيثة ! فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى بها إلى السماء الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم { لا تفتح لهم أبواب السماء } إلى آخر الآية قال : فيقول الله تبارك و تعالى : اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السابعة السفلى و أعيدوا إلى الأرض فإنا منها خلقناهم و فيها نعيدهم و منها نخرجهم تارة أخرى قال : فتطرح روحه طرحا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : { و من يشرك بالله فكأنما خر من السماء } الآية ثم تعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري ! فيقولان له : ما دينك ؟ فيقول هاه هاه لا أدري فيقولان : له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول هاه هاه لا أدري ! فينادي مناد من السماء إن كذب فافرشوه من النار و ألبسوه من النار و افتحوا له بابا من النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه قال : و يأتيه رجل قبيح الوجه منتن الريح فيقول : أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد قال : فيقول من أنت ؟ فوجهك الوجه الذي يجيء بالشر فيقول : أنا عملك الخبيث فيقول : رب لا تقم الساعة رب لا تقم الساعة .
قال البيهقي C : هذا حديث صحيح الإسناد .
و قد ذكرنا سوى هذا من حديث أبي هريرة و أبي سعيد الخدري و أنس بن مالك و أسماء بنت أبي بكر و غيرهم عن النبي صلى الله عليه و سلم .
و رواه عيسى بن المسيب عن عدي بن ثابت عن البراء عن النبي صلى الله عليه و سلم و ذكر فيه اسم الملكين فقال في ذكر المؤمن فيرد إلى مضجعه فيأتيه منكر و نكير يثيران الأرض بأنيابهم و يلحفان الأرض بأشفاههما أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم يقال له : يا هذا من ربك فذكره و قال : في ذكر الكافر : فيأتيه منكر و نكير يثيران الأرض بأنيابهما و يلحقان الأرض بأشفاههما و أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف فيجلسانه ثم يقولان له : يا هذا من ربك ؟ فيقول : لا أدري فينادي من كل جانب القبر لا دريت و يضربانه بمرزبة من حديد لو اجتمع عليها من بين الخافقين لم يقلوها يشتعل منها قبره نارا و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه