5438 - حدثنا روح ومحمد بن خزيمة قالا قال لنا أحمد بن صالح هذا حديث صحيح وبه أقول قال روح قال لي أحمد بن صالح وقد حدثنيه الدمشقي يعني عبد الله بن يوسف عن بن لهيعة فأخبر بن عباس Bهما Y أن الأحباس منهي عنها غير جائزة وأنها قد كانت قبل نزول الفرائض بخلاف ما صارت عليه بعد نزول الفرائض فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا حنيفة وأبا يوسف وزفر ومحمدا رحمة الله عليهم وجميع المخالفين لهم والموافقين قد أتفقوا على أن الرجل إذا وقف داره في مرضه على الفقراء والمساكين ثم توفى في مرضه ذلك جائز من ثلثه وأنها غير موروثة عنه فاعتبرنا ذلك هل يدل على أحد القولين فكان الرجل إذا جعل شيئا من ماله من دنانير أو دراهم صدقة فلم ينفذ ذلك حتى مات أنه ميراث وسواء جعل ذلك في مرضه أو في صحته إلا أن يجعل ذلك وصية بعد موته فينفذ ذلك بعد موت من ثلث ماله كما ينفذ الوصايا فأما إذا جعله في مرضه ولم ينفذه للمساكين بدفعه إياه إليهم فهو كما جعله في صحته وكان جميع ماله يفعله في صحته فينفذ من جميع ماله ولا يكون له عليه بعد ذلك ملك مثل العتاق والهبات والصدقات هو الذي ينفذ إذا فعله في مرضه من ثلث ماله وكان الواقف إذا وقف في مرضه داره أو أرضه وجعل آخرها في سبيل الله كان ذلك جائزا باتفاقهم من ثلث ماله بعد وفاته لا سبيل لوارثه عليه وليس ذلك بداخل في قول النبي A لا حبس على فرائض الله فكان النظر على ذلك أن يكون كذلك سبيله إذا وقف في الصحة فيكون نافذا من جميع المال ولا يكون له عليه سبيل بعد ذلك قياسا ونظرا على ما ذكرنا فإلى هذا أذهب وبه أقول من طريق النظر لا من طريق الآثار لأن الآثار في ذلك قد تقدم وصفي لها وبيان معانيها وكشف وجوهها فإن قال قائل أفتخرج الأرض بالوقوف من ملك ربها بوقفه إياها لا إلى ملك مالك قيل له وما تنكر من هذا وقد أتفقت أنت وخصمك على الأرض يجعلها صاحبها مسجدا للمسلمين ويخلى بينهم وبينها أنها قد خرجت بذلك من ملكه لا إلي ملك مالك ولكن إلى الله D فالذي يلزم مخالفك فيما احتججت عليه بما وصفنا يلزمك في هذا مثله فإن قال قائل فما معنى نهى رسول الله A عن الحبس الذي رويته عنه في حديث بن عباس Bهما قيل له قد قال الناس في ذلك قولين أحدهما القول الذي ذكرناه عند روايتنا إياه والآخر أن ذلك أريد به ما كان أهل الجاهلية يفعلونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام فكانوا يحبسون ما يجعلونه كذلك كذلك فلا يورثونه أحدا فلما أنزلت سورة الفرائض وبين الله D فيها المواريث وقسم الأموال عليها قال رسول الله A لا حبس ثم تكلم الذي أجازوا الصدقات الموقوفات فيها بعد تثبيتهم إياها على ما ذكرنا فقال بعضهم هي جائزة قبضت من المصدق بها أو لم تقبض وممن قال بذلك أبو يوسف رحمة الله عليه وقال بعضهم لا ينفذها حتى يخرجها من يده ويقبضها منه غيره وممن قال بهذا القول بن أبي ليلى ومالك بن أنس ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهم فاحتجنا أن ننظر في ذلك لنستخرج من القولين قولا صحيحا فرأينا أشياء يفعلها العباد على ضروب فمنها العتاق ينفذ بالقول لأن العبد إنما يزول ملك مولاه عنه إلى الله D ومنها الهبات والصدقات لا تنفذ بالقول حتى يكون معه القبض من الذي ملكها له فأردنا أن ننظر حكم الأوقاف بأيها هي أشبه فنعطفه عليه فرأينا الرجل إذا وقف أرضه أو داره فإنما يملك الذي أوقفها عليه منافعها ولم يملك من رقبتها شيئا إنما أخرجها من ملك نفسه إلى الله D فثبت أن ذلك نظير ما أخرجه من ملكه إلى الله D فكما كان ذلك لا يحتاج فيه إلى قبض مع القول كان كذلك الوقوف لا يحتاج فيها إلى قبض مع القول وحجة أخرى أن القبض لو أوجبناه فإنما كان القابض يقبض ما لم يملك بالوقف فقبضه إياه وغير قبضه إياه سواء فثبت بما ذكرنا ما ذهب إليه أبو يوسف رحمة الله عليه