@ 73 @ .
منه مأخذها وكانت همته طماحة لا تقف به عند غاية فاستعجل الأمر قبل أوانه وخرج على والده بجبش العبيد حسبما مر ولسان حاله ينشد .
( فإن يك عامر قد قال جهلا % فإن مظنة الجهل الشباب ) .
فسقطت منزلته عند أبيه بعد أن بلغ من الحظوة لديه ما بلغ وكان يرشحه للخلافة ويقمه على كبار إخوته لما ظهر له من نجدته واقتداره وجوده في محل الجود ورغبته في الجهاد وولوعه بصناعة الرمي بالمهراس فأسند إليه أمر الطبجية والبحرية وصار يوجهه مع الرؤساء والطبجية إلى الثغور كل سنة ليقف على الملازمين لصقائلها وأبراجها ويعلمهم ما يحتاجون إلى تعلمه ولما رآه والده مغتبطا بذلك وتوسم فيه النجابة أقبل عليه بالعطاء ثم ولاه الكلام مع قناصل الأجناس الذين بالمراسي واستنابة في ذلك .
وفي سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف ولاه السلطان على قبيلة كروان وهم يومئذ أعظم قبائل البربر خيلا ورجالا فأسند إليه أمرهم وتقدم إليه في أن يكفهم عن الحرب مع آيت أدراسن فسار إليهم واغتبطوا به واغتبط بهم وصار أحداثهم وأبناء أعيانهم يركبون معه للصيد فغمرهم بالعطاء وأنعم عليهم بالخيل والسلاح والكسي ولزموا مجلسه حتى أفسدوا قلبه وحسنوا له الانتزاء على الملك وقالوا هذا بيت المال الذي بقبة الخياطين هو في يدك وليس دونه مانع وبه يقوم ملكك ومتى استدعيت إخواننا آيت ومالو لم يتوقفوا عنك طرفة عين ولا يقوم لهم شيء من الجند وغيره ولم يزالوا يفتلون له في الذروة والغارب حتى شرهت نفسه وصار لا حديث له إلا في ذلك واطلع على ذلك قائد الودايا أبو محمد عبد القادر بن الخضر وكان محبا في جانب السلطان صادق الخدمة والطاعة له فكتب إليه بما عليه ولده مع جروان وأنهم يأتون إليه بالمائة والمائتين ويبيتون عنده بالقصبة ونحن خفنا أن يبرز من ولدك أمر فتعاقبنا عليه فأخبرناك بالواقع