@ 55 @ .
العامل المذكور ويدلي عنده بالصداقة والمودة فيقال إنه تشفع عنده في بعض أهل البلد فرد شفاعته فغضب الزبدي وعظم عليه ذلك وكان أهل البلد قد سئموا ملكة السوسي ومرضوا في طاعته لأسباب تعدها الرعية على العمال فجاء الزبدي إلى منزله وجمع جماعة من أعيان البلد ممن يعلم انحرافهم عن العامل المذكور وأطعمهم وأطلعهم على خبيئة صدره في أمر العامل فوجدهم إليه سراعا فتحالفوا وتعاهدوا على أن لا يبقى متوليا عليهم بحال ثم مشوا إليه وأنذروه وتقدموا إليه بأن يلزم بيته ثم أجمع رأيهم على تقديم الزبدي مكانه فقدموه وضبط أمر البلد واتصل الخبر بالسلطان رحمه الله وهو بفاس فقام وقعد وكتب إليهم بالوعظ والتقريع فصموا عن سماعه وتمادوا على شأنهم ثم بعث إليهم القائد الطيب الوديني البخاري يتولى عليهم ويقبض على أهل الفساد منهم فأفحشوا عليه وطردوه من البلد مع العشي فعبر إلى سلا في مطر غزير ورجع إلى السلطان فأعلمه الخبر فاحتال السلطان رحمه الله بأن بعث الفقيه الكاتب أبا عبد الله محمد العربي بن المختار الجامعي فقدم رباط الفتح وجمع أعيانها وخيرهم فيمن يتولى عليهم فاختاروا الزبدي فولاه السلطان عليهم وحمدوا سيرته وبعد نحو ستة أشهر قدم السلطان رباط الفتح وتريث بها مدة حتى نقر عن رؤوس الفتنة فقبض عليهم وعلى قائدهم الزبدي وبعث بهم إلى فاس فسجنوا بها ثم سرحوا بعد حين .
وفي سنة اثنتين وستين ومائتين وألف نهض السلطان من فاس ونهض الخليفة سيدي محمد من مراكش والتقيا بمشرع أبي الأعوان من دكالة وعيدا هنالك عيد المولد الكريم ثم سار السلطان إلى مراكش وانحدر الخليفة إلى فاس وفي هذا العيد بعث أبو عبد الله أكنسوس إلى السلطان بالقصيدة .
وفي سنة ثلاث وستين ومائتين وألف تم بناء البرج الكبير بسلا المعروف بالصقالة الجديدة وكان السلطان رحمه الله شرع في بنائه زمان انتقاض الصلح مع الفرنسيس وتم في هذه المدة على أكمل الأحوال وأحسنها