@ 75 @ .
والديباج والنفائس الغريبة ورتب لهم الرواتب العالية من أنواع الأطعمة والأشربة الفاخرة التي تناسب أقدارهم وأباح لهم الدخول إلى كل محل أرادوا رؤيته من الأبنية والمصانع والرياض والبساتين الملوكية التي يتعجب من رؤيتها وتنقل أخبارها فشاهدوا من ذلك ما لا يكشف حقيقته اللسان وما لا يظن أن تناله قدرة الإنسان ثم ركبوا في بحر القلزم إلى جدة فقضوا مناسكهم وشفوا غلتهم من مباشرة شعائر الشريعة المطهرة من الطواف والسعي والوقوف وزيارة المشاهد المباركة وتوجهوا إلى أعظم المقاصد وأسناها التي هي لنفوس المؤمنين غاية منأها زيارة شفيع الأمم في الموقف الأعظم وكانوا صادفوا بمكة وخما وفساد هواء مات منه كثير من الحجاج الأفاقين فمات من أصحابهم جملة ومات من أولاد السلطان المولى إبراهيم والمولى جعفر الأول بمكة والثاني بالمدينة وسلم الله الباقي وأكرمه وأعلى مقامه وعظمه وجمع له بين شرف الحياة وثواب احتساب مصيبته لمن مات ولما فازوا بزيارة سيد الأرضين والسموات ووافقتهم السعادة في ذلك المقام الذي تتضاءل دونه جميع المقامات وأدركوا ما أملوه من لثم تراب أشرف البقاع وأكرم الحجر وانفجر عليهم من كرم الله ما انفجر ونال كل واحد ما كان يؤمله ويرجوه فخرجوا من المدينة راجعين بكل خير وغسلوا بالدموع ما كانوا عفروه في تلك الأماكن من الوجوه ولكن نالتهم مشقة فادحة من عتاة الأعراب في المسافة التي بين المدينة وينبع لأنهم انفردوا عن الركب عند الرجوع ولولا لطف الله لاستؤصلوا عن آخرهم ولقد كانت نجاتهم من تلك الشدة من أعجب العجاب وفي خلوصهم منها عبرة لأولي الألباب فإنهم كمن بعث بعد مماته وإقباره وانقطاع أنفاسه وأخباره والحمد لله الذي لا تخفر ذمته ولا تنتهك حرمته فلما بلغوا ينبع وجدوا المراكب التي تحملهم في انتظارهم فركبوا قافلين ورياح السلامة تسوقهم وأرباح التجارة والسعادة قد تكفل بها سوقهم فلما وردوا حضرة مراكش تحت ظلال السلامة وقد نشر عليهم القبول بنوده وأعلامه باتوا بقنطرة تانسيفت وفي الغد ركبت الخيول والعساكر السلطانية لتلقيهم وخرج أهل