@ 213 @ قال محمد بن إبراهيم الأنصاري خرج الشيخ أبو مدين ألف تلميذ وجاءه رجل ليعترض عليه فجلس في الحلقة فقال له أبو مدين لم جئت قال لأقتبس من نورك فقال له ما الذي في كمك فقال له مصحف فقال له افتحه واقرأ أول سطر يخرج لك ففعل فخرج له قوله تعالى ! < الذين كذبوا شعيبا كانوا هم الخاسرين > ! فقال له ابو مدين أما يكفيك هذا فاعترف الرجل وتاب وكراماته رضي الله عنه كثيرة .
وكان استوطن في آخر عمره بجاية وكثر عليه الناس وظهرت على يده كرامات فوشى به بعض علماء الظاهر عند يعقوب المنصور وقال له إنا نخاف منه على دولتكم فإن له شبها بالإمام المهدي وأتباعه كثيرون بكل بلد فوقع منه ذلك فكتب لصاحب بجاية يبعثه إليه وأوصاه بالاعتناء به وأن يحمله إليه خير محمل ففعل .
ولما كان الشيخ أبو مدين رضي الله عنه بالطريق مرض مرض موته فلما وصل وادي يسر قرب تلمسان اشتد به مرضه فنزلوا به هنالك فكان آخر كلامه الله الحق فتوفي ودفن برابطة العباد قرب تلمسان وسمع أهل تلمسان بجنازته فحضروها وكانت من المشاهد العظيمة .
وفي سنة خمس وتسعين وخمسمائة توفي الشيخ الفقيه الصالح أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المهدوي صاحب كتاب الهداية أقام نحو أربعين سنة لم تفته صلاة في جماعة إلا يوما واحدا لعذر عاقه عن ذلك دخل مدينة فاس ومعه نحو من أربعين ألفا من المال فما زال ينفقها في سبيل الخير حتى لم يبق له إلا دار سكناه فباعها من بعض أهل فاس وأعمره المشتري لها فلما خرجت منها جنازته حازها المشتري المذكور وكانت وفاته يوم الجمعة الخامس والعشرين من جمادى الأولى من السنة المذكورة .
واعلم أنا قد قدمنا أن الشيخ أبا مدين كان تلميذا للشيخ أبي يعزى وكان الشيخ أبو يعزى تلميذا للشيخ أبي شعيب السارية وكان الشيخ أبو