@ 105 @ بفسطاط جلوسه أفخم قعود ولما استؤذن عليه ووقف بين يديه هنأ وحيى وفدى وانصرف عنه إلى محل نزوله بالقصبة من فاس وأدر عليه من الإنعام والإكرام ما لم يكن له في حساب .
وكان من أغراض الرسالة التي أنفذه بها سلطانه طلب المدد من أمير المؤمنين بالعساكر والأجناد وعدة البنادق ومدافع النار لمجاهدة من يليهم بقاصية السودان من الكفار وكان هذا الرسول قد وفد قبل على سلطان الترك بالإصطنبول السلطان مراد العثماني يطلب منه المدد لجهاز كفار السودان فأخفق سعيه ولم يحصل على طائل فوجهه في هذه النوبة إلى ملك المغرب يطلب منه المدد ولما قرئ كتابه على أمير المؤمنين اتفق أن وقع بينه وبين كلام الرسول اختلاف بين وتباين واضح فكان الذي دل عليه الكتاب خلاف ما دل عليه كلام الرسول جر إليهم ذلك توغلهم في الجهل والغباوة وعدم من يحسن الإعراب عن مقاصدهم من فرسان الإنشاء والكتابة لطموس معالم العلوم عندهم على الجملة وقارن ذلك ما كان من توجيه أمير المؤمنين عساكره لتدويخ قطري توات وتيكورارين وأمل أن يجعلهما ركابا لبلاد السودان والاستيلاء على ممالكها التي وجه إليها عساكره بعد ذلك فبلغت مملكة مالي عظيم السودان إلى أن وردت من نيلها على مائه مرحلة من ثغور المغرب فاغتنم المنصور لذلك اختلاف الرسول والرسالة وبنى عليه ما اعتد به على صاحب برنو ورجع الرسول إلى مرسله بعد مكافأته وتوجيه هدية من عتاق الخيل وأشرافها بكسي من ملابس الخلافة وأسباب أخر ولما بلغ الرسول وألقى المعذرة إلى سلطانه استأنف الهدية وأعرب إذ ذاك عن مراده ورد الرسول ثانية إلى باب أمير المؤمنين فوافاه بحضرته ودار خلافته من مراكش فأزال اللبس وبين الغرض وصرح بالمقصود فلما تحقق المنصور بقصده صدع له بالحق والدعاء إلى التي هي أقوم وطالبهم بالبيعة له والدخول في دعوته النبوية التي أوجب الله عليهم وعلى جميع العباد في أقطار البلاد الانقياد إليها وقرر لهم بلسان السنة الناطق والكتاب المنزل على جده الصادق أن الجهاد الذي ينتحلونه ويظهرون الميل إليه والرغبة فيه لا يتم لهم