$ ذكر مسير شمس الدولة أخي السلطان إلى مصر وتشييع السلطان له .
كان الملك المعظم فخر الدين تورانشاه بن أيوب وهو أخوه الأكبر قد ملك اليمن وأحيا بها للعدل والإحسان السنن فلما ملك السلطان دمشق في سنة سبعين بعد الملك العادل نور الدين ابن زنكي كتب إلى أخيه في اليمن بالشوق الاستيحاش بالوحدة والتشكي فجاءه سنة إحدى وسبعين فسر بقدومه وأجراه من إعظامه وإكرامه على رسومه .
ولما عزم السلطان المسير إلى مصر سنة اثنتين وسبعين لتجديد العد بملكها ورده إلى النظام في اتساع مسلكها واتساق سلكها عول على هذا أخيه شمس الدولة بالشام في السلطنة ورد الأمور إلى أوامره المتمكنة وفوض إليه المر وأسنده وولاه تولية مطلقة وقلده فكان بحرا من الجود مواجا يغني بفواضله من الوفود بعد الأفواج أفواجا فحكم وتحكم ونقض وأبرم ورزق وما حرم وعزم على أعداء الملهوف وحزم والتزم بإسداء المعروف وجزم وراسله الملوك وتواصل غليه من الأطراف والأوساط السلوك وكان الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين بن زنكي مصالح السلطان على ما تبرجح من المصلحة وتوضح من الشرائط المفرحة فجرى شمس الدولة معه على الوفاء والوفاق ونهج سبيل الإشفاق .
وأقام السلطان بمصر إلى يوم عيد الفطر من سنة ثلاث وسبعين ثم رحل عائدا إلى الشام بعز الاعتزام وجد الاهتمام واستئناف الغزاة لاتلاف العداة ولما عاد إلى دمشق عاد به سرور سريرة وزاد الحبور بحضوره وجرى على عوائد سلطانه وفوائد إحسانه وأمر ونهى وبلغ المنتهى وأدرك المشتهى وانقطع شمس الدولة إلى مواصلة لذاته في لداته ومعافاة عفاته ومصافاة صفاته وانتهت أحكام سلطنته وتوقفت أسباب مكنته فاقترح على أخيه تسليم بعلبك إليه والإنعام بها عليه فحفظ قلبه وما أحفظه وصان لفظه وما لفظه ومضى إليها وأكره شمس الدين بن