ديست ومراعيها رعيت ومنافعها نعيت والعرب قد اكتالت واكتفت والملة قد اختالت واشتفت وأهل الشرك هاجمون واجمون ولظنونهم فيما هم له راجون راجمون فنتحول إلى حيث نتبدل الضيق بالسعة وتنتقل المضرة بالمنفعة فقال السلطان ما أنجب الرأي الذي رأيتموه وأنجح السعي الذي سعيتموه وقد بقي أنكم تنهضون في هذه الليلة أجمعين وعلى دخول بلاد الفرنج مجمعين فتجمعون منها ما تخلف في مواضعها المتفرقة وتزورونها بنيران عزماتكم المحرقة وإذا عدتم سالمين سالبين غانمين غالبين رحلنا صوب البقاع واستأنفنا ما يعود للإسلام وأعلامه بالإرتفاع والانتفاع $ ذكر وقعة مرج عيون ونصرها وقمع الفرنج وكسر مقدميها وأسرها .
ولما نهض أصحابنا تلك الليلة وأدلجوا وخاضوا بحر الظلام ولججوا وامتدوا وأبعدوا وتعلفوا تزودوا أصبح السلطان يوم الأحد راكبا ومعه صمصمام الدين أجك والي بانياس مصاحبا في موكب خفيف وجمع غير كثيف ووقف على الطريق وسأل الله حسن التوفيق فوجد في تلك الغياض أبقارا جافلة وسروحا عن مراتعها زائلة وجاءه بعض الرعاة وأخبر أنه شاهد عساكر العداة وأنهم عبروا بالقرب على قصد المتعلفة بالنهب والحرب فعجب السلطان من هذا الخبر واستبعده وقال لو كان للفرنج قصد لجاءنا الجاسوس عن العدو وأوضح لنا جدده وذكر عدده وعدده فما صدق الخبر حتى جاء من أوائل العسكر من ارتاع وعجل في العود الإسراع .
فجاء السلطان إلى المخيم وقت الظهر فتفاءلنا به للظهور ونادى في متخلفي مماليكه وخواصه بالحضور وكانت في اسطبله خيل عراب شدت للتضمير وجياد عتاق أعدت ليوم النفير فبذل مصونها وأصفى لخواصه صفونها وقال اركبوا وأدركوا العدو وانكبوا وعن قصد لقائه لا تنكبوا وما زال ينهض محربا ويقنب مقنبا حتى انتظمت له كتيبة شهباء وبهمة دهماء ولاحت له غرة النصر وهي بيضاء وسقى بماء