.
وكان الحصن جديد البناء رطبة شديد التأتي صعبة يعسر على النقاب إخراج حجره وإظهار مضمره كأنما أفرغ من حديد وقد آوى الكفر منه إلى ركن شديد فما انقضى يوم الأحد على أهل الأحد الا بالبكاء والنكد .
وتم النقب السلطاني وعلق وحشي بالحطب ليلة الاثنين وأحرق وظن أنه يتضعضع وتوقع أنه يقع والنقب في طول ثلاثين ذراعا وفي عرض ثلاثة أذرع في المقدار وكان عرض السور تسعة أذرع بالنجار فما تأثر بالتعليق والتحريق ولا أبان عن التشييد والتشديد فأصبح يوم الاثنين والقلوب قد اشفقت والظنون قد اخفقت والعمل قد وقف والأمل قد ضعف ولا سبيل لتعميق النقب وتوسيعه للنيران الملتهبة فيه وفي ضلوعه فأخرج لاسلطان صرة فيها ثلاثمائة دينار مصرية على اعادة تلك النار الجحيمية ابراهيمية وتركها على يد عز الدين جاولي وأعطى دينارا لكل من جاء من الماء بقربه على وجه زلفى لله وقربه فرأيت الناسللقرب حاملين ولأوعية الماء ناقلين حتى اغرقوا تلك النقوب فخمدت فعاد نقابوها وقد بردت فخرقوه وعمقوه وفتحوه وفتقوه وشقوا حجره وفلقوه ثم علقوه وحشوه واستظهروا فيه يومي الثلاثاء والاربعاء ثم أحرقوه ووصل الخبر بالفرنج قد اجتمعوا بطبرية وأنهم بروا بخيلهم وراجلهم تلك البرية ونقع منا الحرص في الإسراع وحض الجاندارية والصناع فلما أصبحنا يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول أصبح الخميس وقد حمي الوصيس وغص بالأسد الخيس والدنيا تضطرب والبلوى تضطرم والعدوى تحتد والعدو يحتدم وللبأس اقتحام وللناس ازدحام وللإسلام من الكفر انتقام ونحن ننظر إلى السور وقد طال الانتظار ونقع في بطء وقوعه