والفرنج قد يبست ايديهم على الأعنة وغلت في صدورهم وخزات الرعب على صدور الأسنة والمغيرون في بلادهم يسنون لها الغرار ويشنون فيها الغوار ويكثرون القتل والأسار ويحكمون بين الغمد والزند والسيف والنار فلما رأيناهم لا يبرحون ولا يخرجون على انهم يقتلون أو يجرحون رحلنا عنهم يوم الخميس لخناقهم منفسين ولمستوحشهم عن الحملة بضرب المصاف مؤنسين ولجنانهم بأنواع العزائم مستخرجين ولناكليهم عن الحرب الى الحرب والنكال مستدرجين فما صدقوا حتى اجفلوا أجفال النعام وتوقلوا في الجبال وهم أضل من الأنعام وتصاعدوا في العقاب ونكصوا على الأعقاب ونحن قد بلغنا النكاية فيهم غايتها وجلونا بسنا البيض والسمر غيابتها والغنائم والاسارى قد ملأت الايدى وثقلت الظهور وعجل الله للاسلام وعسكره النصر والظهور وعدنا سالمين سالبين غانمين غالبين ظاهرين ظافرين والحمد لله رب العالمين وقد شرعنا الآن في غزوة ثانية لغرب الكفر ثانيه والمسير بالعسكر الذى عدنا به إلى الكرك والالتقاء بالعسكر الواصل من مصر عليها فإن الفرنج قد بان لنا هوانها وهذا وقت منيتها وأوانها فما نزال بتأييد الله نتبع اليهم الغزوات ونوالى النهضات حتى يأذن الله من فتح الارض المقدسة ويطهرها من رجسهم بدمائهم النجسة $ فصل من كتاب آخر من انشائي في المعنى $ .
كتابنا هذا صادر بعد العود الحميد من الغزو السعيد فانا دخلنا بعساكرنا المنصورة الى بلاد الفرنج ثامن جمادى الآخرة وخرجنا منها في تاسع عشرة وكان قصدنا ان يخرجوا الينا كما جرت عادتهم فنضرب معهم المصاف فما اقدموا أحجموا وحصروا انفسهم في عين الجالوت فما تأخروا ولا تقدموا وأحطنا بهم خمسة أيام وهم إلى الجبل مسندون وإلى الارض مخلدون وعساكرنا تأخذ منهم يمينا وشمالا وتوسعهم إدالة وإذلالا حتى رحلنا عنهم وقلنا لعلهم يتبعوننا فنعود عليهم درك العائد أو يطمعون ويقعون في شرك المصائد فرجعوا على الحافرة وآبوا الى الناصرة وباءوا بالصفقة الخاسرة وفي خلال المدة خربنا بلادهم وعفينا آثارها وأحرقنا ديارها وعجلنا دمارها وأضرمنا لاحراقها نارها فكم أسير سير به وقيد وقيذا وكم مستعيذ من البلاء بالبلاد لم يجد معيذا ولما بلغنا النكاية فيهم أسرا وقتلا وفتكا وفي ديارهم اخرابا واحراقا وهتكا واستكثرنا من الأسارى والغنائم وتصرمت الايام عن حطم القنا في