كتب الملك العادل لها طالبا وفيها وفي اعمالها وما يجري معها من البلاد والمعاقل راغبا فكتب إليه لسؤله مصيبا ولسؤاله مجيبا وواعده الى الاجتماع به على الكرك ليفوز من بغيته بالدرك واستصحب معه الملك المظفر تقي الدين ابن اخيه ليوليه في مصر ويستنيبه ويقدم على أحسن الأحوال ترتيبه وكل ذلك بمشورة الأجل الفاضل وعنايته بالسائر والواصل فان السلطان لم يزل يبري ببريه ويفري بفريه ويأخذ باشارته ويعطي ويصيب ببركات ارائه في آرابه ولا يخطي ويستمع في كف الملمات قوله وينتجع في كفاية المهمات طوله ويتبع كلما يشير به أن شك انه عليه أوله فيسفر بأحسن الوجوه عواقبه وتزهر في أفق التوفيق ثواقبه وتصح مذاهبه وتضح مطالبه وياتيه الله في الوقائع الآتية من الغيب بالنصر فيحضر غائبه وتنبو بنوب الدهر نوائبه $ ذكر الاجتماع على حصار الكرك في رجب سنة تسع و سبعين $ .
فلما آب السلطان من الغزوة فائزا من الغنيمة الحلوة بالحظوة جعل مآب الجهاد الى جهة مآب من اقليم الشراة وقد تلاقح بها من الفرنج شرار شر الشراه ونزلنا بآدر أدر فأدرنا على منازلها النوازل وتركناها من ساكنيها الكفار طلولا عواطل واستأمن إلينا اهلها المسلمون فأذقناهم لحلية الايمان حلاوة الامان وأولينا السكون لأولئك السكان وساكنوا تلك الاعمال مسلمون في قديم الزمان وتربى اولادهم في حكم الافرنج فألفوا ما ألفوه وخافوا منهم على ظهور حبهم لنا فأخفوه ثم خيمنا على الربة رانين رضا الرب وضاقت بعساكرنا أودية ذلك الفضاء الرحب وتقدمت الى العدو قبل رعب جيوشنا جيوش الرعب ثم حضرنا الكرك وحصرناها وعلى الاستطالة عليها بقتال المنجنيق قصرناها فكانت المجانيق تراوحها وتغاديها وتعاودها وتباديها وتجاوبها وتناديها و تأخذ مآخذها وتهتم بواحدها وتهجم منافذها وتقرع بالحجارة حجارها وتصدع بالاسواء اسوارها وتناظرها بألسنة حبالها وتناضلها