استلاح من جنوحهم إلى الاستسلام وما يترقب أن شاء الله من جنوحهم إلى الإسلام فإن بركات المولى تدخل فيها الناس أفواجا كما أن فتكاته توسع المستقتلين قتلا والمستقيلين عفوا واستدراجا فهذه كلها نعم تعم بشراها وتتيسر للحسنى يسراها زاده الله فضلا وشكرا وشرح له صدرا كما شرح لأولياء الله صدرا وأطاب بشائره ونصر عساكره وأمضى أوامره وقضى كل حاجة في نفسه وفتح على يده بيت قدسه وأحضره في الآخرة مع خواص المتقين حظائر قدسه $ فصل من كتاب آخر في أمر الممتنع ببعلبك .
وأما المتحصن بقلعة بعلبك فقد ضرب بينه وبين السعادة بحجاب وصرف عن باب الخير وهو باب المولى الذي ما بعده باب ولقد خدعه الذي تبعه ودلاه النظر الذي دله ولو هدي لصوابه ووفق لرشاده فتحت له أبواب الإنابة ومهدت لدعائه أسباب الإجابة قبل أن تحق عليه الكلمة ويشتد عليه جذب الحكمة ويخبط الأرجل خبط السلمة $ فصل له من كتاب آخر في المشورة والتفكر والتدبر .
المملوك يقول إن كثرة الشك محاماة عن اليقين وكثرة الفكر أمان من تطرق الرأي المنتقد وأنه لا تنال الزبدة إلا بالمخض ولا يتأكد الإبرام إلا بعد النقض وإذا تكرر صقل السيف كان التكرار أظهر لجوهره وإذا تكرر سقي الغصن كان أخرج لثمره لا سيما وكل أمر ابتدأ به المولى واستدركه ونهى عنه ثم أمر به ثم نهى عنه لم يفت منه فائت ولا خرج عن اليد منه خارج $ فصل من آخر في وصية نصح .
لا شك أن المولى تغرق الجبال في بحره وتضيق العظام في سعة صدره وهذه عادة الخواطر والله سبحانه قد أشرك بين الخلق فيها ولكنه عند الصواب أفرده بها والملك فيما يرد عليه منها بمثابة الشجرة فيما يرد عليها من مائها تتلقى صفوة فتسيغه وتنبو عن قذاه فتمجه وتلفظه ومن أمثال العرب رب عجلة تهب ريثا