@ 106 @ بتقييد الشوارد العلمية وتهذيب طلب علوم الاجتهاد لا برح مسددا في كل اصدار وإيراد وقد صار الآن قاضيا من قضاة مدينة صنعاء وللناس إليه رغوب وله قدرة تامة على فصل الخصومات وإيضاح المهمات $ محمد بن أحمد بن سليمان بن يعقوب بن على بن سلامة بن عساكر بن حسين بن قاسم بن محمد بن جعفر بن الجلال أبو المعاطي الدمشقى الشافعى المعروف بابن خطيب داريا $ .
ولد بليلة الأربعاء ثالث ربيع الأول سنة 745 خمس وأربعين وسبعمائة واشتغل بالفقه والعربية واللغة وسائر فنون الأدب وشارك في العقليات وكثر استحضاره للغة واشتهر بوفور الذكاء حتى كان يقتدر على تصوير الباطل حقا والحق باطلا وكان يتلاعب بالأكابر باستعمال نوع من الكلام منسجم تفهم مفرداته وأما تراكيبه فمهملة يتحير سامعه لخروجه من علم إلى علم بحيث يظن أنه سرد جميع العلوم .
ومن جملة ما وقع منه أنه أراد يتلاعب بالقاضى برهان الدين بن جماعة فحرر رقما في بيع جانب من مسجد بنى أمية يعرف بالغزالية وتصرف في الكلام على قاعدته وذكر الحدود وكتب لفظ الغزالية العرابية ليتمكن من اصلاحها بعد ذلك ويبلغ مراده من التشنيع على القاضى في كونه أذن في بيع قطعة من الجامع الأموى ففطن القاضى لصنعه ورام الإيقاع به ففر إلى القاهرة .
وبالجملة فالغالب عليه المجون والهزل مع تقدمه في فنون الأدب حتى صار شاعر الشام في وقته بدون مدافع وسلك آخر مدته طريقة مثلى في التصوف والتعفف وله تصانيف كثيرة منها الامتاع بالإتباع ورتبه على الحروف والإمداد