إليها أبوها في كل سنة مما يستفضله من ثمن الخوص الذي يسفه ويبيعه .
فأخبرني إبن الرواس التمار وكان جاره قال جئت أودعه للحج وأستعرض حاجته وأسأله أن يدعو لي فسلم إلي قرطاسا وقال تسأل بمكة عن الموضع الفلاني عن فلانة وتسلم هذا إليها فعلمت أنها ابنته .
فأخذت القرطاس وجئت فسألت عنها فوجدتها بالعبادة والزهد أشد اشتهارا من أن تخفى فتتبعت نفسي أن يصل إليها شيء من مالي يكون لي ثوابه وعلمت أنني إن دفعت إليها ذاك لم تأخذه ففتحت القرطاس وجعلت الثلاثين خمسين درهما ورددته كما كان وسلمته إليها فقالت أي شيء خبر أبي فقلت سلامة فقالت قد خالط أهل الدنيا وترك الانقطاع إلى الله تعالى فقلت أسألك بالله وبمن حججت إليه عن شيء فتصدقني فقلت نعم فقالت خلطت بهذه الدراهم شيئا من عندك فقلت نعم فمن أين علمت بهذا قالت ما كان أبي يزيدني على الثلاثين شيئا لأن حاله لا يحتمل أكثر منها إلا أن يكون ترك العادة فلو أخبرتني بذلك ما أخذت منه أيضا شيئا .
ثم قالت لي خذ الجميع فقد عققتني من حيث قدرت أنك تبرني فقلت ولم قالت لا آكل شيئا ليس هو من كسبي ولا كسب أبي ولا آخذ من مال لا أعرف كيف هو شيئا فقلت خذي منها الثلاثين كما أنفذ إليك أبوك وردي الباقي فقالت لو عرفتها بعينها من جملة الدراهم