فقال ما يبكيك رحمك الله قلت له أنزل إلى الكن والضوء وأدعك في الظلمة والبرد فغضب وقال لي إن لي ربا هو أرحم بي منك وأعلم بما يصلحني فدعه يصرفني كيف يشاء فإني لا أتهمه في قضائه فقلت له لئن كنت في ظلمة الليل إن جدك في ظلمة اللحد أريد أن أعزيه وأطيب نفسه فقال لي ما جعل روح رجل صالح مثل روح رجل متلوث ثم قال لي أتاني البارحة أبي وأبوك عبدالله ابن نمير فوقف ثم أشار إلى موضع كان أبي يصلى فيه فقال لي يا نمير أما إنك ستأتينا يوم الجمعة شهيدا .
قال فدعوت أمه فصعدت إلى فأخبرتها بما قال فقالت والله ما جربت عليه كذبا وما هذا مما كان يتكلم به وما قال إلا حقا قال وقال هذه المقالة عشية الأربعاء فجعلنا نتعجب ونقول غدا الخميس وبعد غد الجمعة فهبه مرض غدا ومات بعد غد فأين الشهادة .
فلما كانت ليلة الجمعة في وسط الليل سمعنا هدة فإذا هو قد هاج به ما كان يهيج فبادر الدرجة فزلت قدمه فسقط منها فاندقت عنقه فحفرت له إلى جنب أبي ودفنته وانكببت على قبر أبي فقلت أيا أبة قد أتاك نمير وجاورك فوالله ما قلت هذه المقالة إلا لما كان في قلبي من الغم ثم انصرفت فلما كان الليل رأيت أبي في النوم كأنه قد دخل علي من باب البيت فقال لي يا بني جزاك الله خيرا لقد آنستني بنمير اعلم أنه منذ أتيتمونا به إلى أن جئتك يزوج بالحور والسلام