بالحجارة ويقولون مجنون فدخل المسجد وهو ينادي اللهم أرحني من هذه الدار فقلت له هذا كلام حكيم فمن أين لك هذه الحكمة فقال من أخلص له في الخدمة أورثه طرائف الحكمة وأيده بأسباب العصمة وليس بي جنون وولق بل قلق و فرق ثم جعل يقول .
هجرت الورى في حب من جاد بالنعم % و عفت الكرى شوقا إليه فلم أنم .
وموهت دهري بالجنون عن الورى % لأكتم ما بي من هواه فما أنكتم .
فلما رأيت الشوق و الحب بائحا % كشفت قناعي ثم قلت نعم نعم .
فإن قيل مجنون فقد جنني الهوى % وإن قيل مسقام فما بي من سقم .
وحق الهوى و الحب والعهد بيننا % وحرمة روح الأنس في حندس الظلم .
لقد لامني الواشون فيك جهالة % فقلت لطرفي أفصح العذر فاحتشم .
فعاتبهم طرفي بغير تكلم % وأخبرهم أن الهوى يورث السقم .
فبالحلم يا ذا المن لا تبعدنني % وقرب مزاري منك يا بارئ النسم .
فقلت له أحسنت لقد غلط من سماك مجنونا فنظر إلي و بكى وقال أولا تسألني عن القوم كيف وصلوا فاتصلوا فقلت بلى أخبرني فقال طهروا له الأخلاق و رضوا منه بيسير الأرزاق وهاموا من محبته في الآفاق وائتزروا بالصدق وارتدوا بالإشفاق وباعوا العاجل الفاني بالآجل الباقي وركضوا في ميدان السباق وشمروا تشمير الجهابذة الحذاق حتى اتصلوا بالواحد الرزاق فشردهم في الشواهق وغيبهم عن الخلائق لا تؤويهم دار ولا يقرهم