@ 240 @ في القرون الأولى ، ومحط رجال العلماء طبقة بعد طبقة ، يبعد أن يسلموا منهم الخطأ الظاهر ؛ أو كان قولاً مشهوراً معمولاً به في قطر عظيم ، مروياً عن جماعة عظيمة من الصحابة والتابعين ؛ ثم صح أو حسن سنده ، وشهد به علماء الحديث ، ولم يكن قولاً متروكاً لم يذهب إليه أحد من الأمة . .
( ( أما ما كان ضعيفاً موضوعاً أو منقطعاً أو مقلوباً في سنده أو متنه ، أو من رواية المجاهيل ، أو مخالفاً لما أجمع عليه السلف ، طبقة بعد طبقة ، فلا سبيل إلى القول به ) ) . .
( ( فالصحة أن يشترط مؤلف الكتاب على نفسه إيراد ما صح أو حسن غير مقلوب ولا شاذ ولا ضعيف ، إلا من بيان حاله ، فإن إيراد الضعيف مع بيان حاله لا يقدح في الكتاب ) ) . .
( ( والشهرة أن تكون الأحاديث المذكورة فيها دائرة على ألسنة المحدثين قبل تدوينها وبعد تدوينها ، فيكون أئمة الحديث قبل المؤلف رووها بطرق شتي وأوردوها في مسانيدهم ومجاميعهم ، وبعد المؤلف اشتغلوا برواية الكتاب وحفظه ، وكشف مشكله ، وشرح غريبة ، وبيان إعرابه ، وتخريج طرق أحاديثه ، واستنباط فقههان والفحص عن أحوال رواتها طبقة بعد طبقة إلى يوما هذا ، حتى لا يبقى شيء مما يتعلق به غير مبحوث عنه إلا ما شاء الله ، ويكون نقاد الحديث قبل المصنف وبعده وافقوه في القول بها ، وحكموا بصحتها ، وارتضوا رأي المصنف فيها ، وتلقوا كتابه بالمدح والثناء ويكون أئمة الفقه لا يزالون يستنبطون ويعتمدون عليها ، ويعتنون بها ، ويكون العامة لا يخلون عن اعتقادها وتعظيمها . وبالجملة فإذا اجتمعت هاتان الخصلتان في كتاب كان من الطبقة الأولى ثم وثم ، وإن فقدتا رأسا لم يكن له اعتبار ؛ وما كان أعلى حد في الطبقة الأولى ، فإنه يصل إلى حد التواتر وما دون ذلك يصل إلى الاستفاضة ، ثم إلى الصحة القطعية ، أعنى : القطع المأخوذ في علم الحديث ، المفسد للعمل ؛ والطبقة الثانية إلى الاستفاضة أو الصحة القطعية أو الظنية ، وهكذا ينزل الأمر .