@ 393 @ $ تتمة في مقصدين $ .
1 - المقصد الأول في أن طلب الحديث أن يتقي به الله عز وجل ، وأن طلب الشارع للعمل لكونه وسيلة إلى التعبد به .
قال العلامة أبو إسحاق الشاطبي في الموافقات في مقدمتها السابعة : ( ( كل علم شرعي ، فطلب الشارع له إنما يكون من حيث هو وسيلة إلى التعبد به لله تعالى ، لا من جهة أخرى فإن ظهر فيه اعتبار جهة أخرى ، فبالتبع ) ) . ثم ساق الأدلة على ذلك ، ومنها : أن الشرع إنما جاء بالتعبد ، وهو المقصود من بعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، وجود الكلام في ذلك على عادته رحمه الله . ثم قال في المقدمة الثامنة : ( ( العلم الذي هو العلم ، المعتبر شرعاً أعنى الذي مدح الله ورسوله أهله على الإطلاق ، هو العلم الباعث على العمل الذي لا يخلي صاحبه جارياً مع هواه كيفما كان ، بل هو المقيد لصاحبه بمقتضاه ، الحامل له على قوانينه ، طوعاً أو كرهاً . ومعنى هذه الجملة : أن أصل العلم في طلبه وتحصيله على ثلاثة مراتب : .
المرتبة الأولى : الطالبون له ولما يحصلوا على كماله بعد ، وإنما هم في طلبه في رتبه التقليد ، فهؤلاء إذا دخلوا في العمل به فبمقتضى الحمل التكليفي ، والحث الترغيبي والترهيبي وعلى مقدار شدة التصديق ، يخف ثقل التكليف ، فلا يكتفي العلم ها هنا بالحمل دون أمر آخر خارج مقوله من زجر أو قصاص أو حد أو تعزير ، أو ما جرى هذا المجرى . ولا احتياج ها هنا إلى إقامة برهان على ذلك ، إذ التجربة الجارية في الخلق ، قد أعطت هذه المرتبة برهاناً لا يحتمل النقيض بوجه .
والمرتبة الثانية : الواقفون منه على براهينه ، ارتفاعاً عن حضيض التقليد المجرد ، واستبصاراً فيه ، حسبما أعطاه شاهد النقل الذي يصدقه العقل تصديقا يطمئن إليه ، ويعتمد عليه ، إلا أنه بعد منسوب إلى العقل لا إلى النفس ، بمعنى أنه لم يصر كالوصف الثابت للإنسان ،