@ 434 @ لا محيص عنه وقد رأيت لبعض العلماء جوابا عنه فأخبرنى قاضى القضاة عز الدين بن جماعة رحمه الله أن والده كان يحمل قول الجمهور لاثنتى عشرة ليلة خلت منه أى بأيامها كاملة فتكون وفاته بعد استكمال ذلك والدخول فى اليوم الثالث عشر وتفرض على هذا الشهور الثلاثة كوامل وفى هذا الجواب نظر من حيث أن كلام أهل السير يدل على وقوع الأشهر الثلاثة نواقص أو على نقص اثنين منها فأما ما يدل على نقص الثلاثة فروى البيهقى فى دلائل النبوة بإسناد صحيح إلى سليمان التيمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض لاثنتين وعشرين ليلة من صفر وكان أول مرضه فيه يوم السبت وكانت وفاته يوم العاشر يوم الاثنين لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول .
وقوله كانت وفاته اليوم العاشر أى من مرضه ويدل على ذلك أيضا ما روى الواقدى عن أبى معشر عن محمد بن قيس قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأربعاء لإحدى عشرة بقيت من صفر إلى أن قال اشتكى ثلاثة عشر يوما وتوفى يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول ويجمع بين قولى سليمان التيمى ومحمد بن قيس فى مدة المرض أن المراد بالأول اشتداده وبالثانى ابتداؤه وكذلك ما رواه الخطيب فى كتاب أسماء الرواة عن مالك من رواية سعيد بن سلمة بن قتيبة عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرض ثمانية أيام فتوفى لليلتين خلتا من ربيع الأول الحديث فجعل مدة مرضه ثمانية أيام فلو ثبت حملناه على قوة المرض إلا أنه لا يصح ففى إسناده أبو بشر المصعبى واسمه أحمد بن مصعب بن بشر المروزى وقد اتهمه الدارقطنى وابن حبان بوضع الحديث والعمدة على قول سليمان التيمى أنه كانت وفاته فى ثانى الشهر وحكاه الطبرى عن ابن الكلبى وأبى مخنف وهو راجح من حيث التاريخ وكذلك القائلون بأنه يوم الاثنين مستهل شهر ربيع الأول وهو قول موسى بن عقبة والليث ابن سعد وبه جزم ابن زبر وفى الوفيات وحكاه السهيلى عن الخورازمى قال السهيلى وهذا أقرب فى القياس مما ذكره الطبرى عن الكلبى وابن مخنف قلت لكن سليمان التيمى ثقة والإسناد إليه صحيح فقوله أولى ولا يمتنع نقص ثلاثة أشهر متوالية ومن المشكل أيضا قول ابن حبان وبن عبد البر أنه بدأ به مرضه الذى مات منه يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من صفر فهذا مما لا يمكن وسببه أنهما قالا توفى يوم الاثنين ثانى عشرة وجعلا