@ .
ومن كتاب البيع .
قال شيخنا الإمام العالم العامل تقي الدين بن الصلاح غفر الله له للغزالي رحمه الله تصرف في استعمال لفظ الركن كرره في تصانيفه وأشكل على الأكثرين تحقيقه وتنقيحه ومع كثرة تداوله في كتبه لم أجد أحدا من أهل العناية بكلامه تقدم بكشفه وقد من الله الكريم بكشفه ووجه الإشكال أن ركن الشيء عند الغزالي وعند غيره ما تركبت حقيقة الشيء منه ومن غيره ثم أنه لا يزال في أمثال هذا يستعمل الركن فيما ليس جزءا من الحقيقة كما فعله هاهنا فإنه عد العاقد والمعقود عليه من أركان عقد البيع وليسا داخلين في حقيقة الشيء قطعا وليس يستقيم أن يقال أنه يجوز فأراد ما لا بد منه في البيع مثلا لأنه يبطل بالزمان والمكان ويبطل بالمشروط فإنها لا بد منها وهو يجعلها غير الأركان فأقول والله الموفق إن ركن الشيء فيما نحن بصدده عبارة عما لا بد لذلك الشيء منه في وجود صورته عقلا أما لكونه داخلا في حقيقته أو لكونه لازما له به اختصاص فنقول لا بد لذلك الشيء في وجود صورته فيه احتراز عن الشرط فإنه لا بد منه في وجود صحته شرعا لا في وجود صورته حسا وذلك فيما نحن فيه لكون المبيع معلوما ومنتفعا به وسائر ما يذكر في قسم الشروط فان صورة العقد موجودة بدون كل ذلك لكن لا توجد صحته شرعا بدونها فهذا ضبط الفرق بين الركن والشرط ومن أجل هذا اعتذر في كتاب النكاح عن عد الشهادة من الأركان فقال هي شرط لكن تساهلنا بتسميتها ركنا وقلنا لكونه داخلا في حقيقته أو لازما له به اختصاص احترازنا به عن الزمان والمكان ونحوها من الأمور العامة التي لا بد منها وقد حوينا بذلك العاقد والمعقود عليه وصيغة العقد فإنها لا تخرج عن ذلك وينبغي أن يقول وصيغة العقد أو ما في معنى الصيغة كما قال قاله في البسيط لأن تغيير الصيغة من قبيل الشروط والله أعلم