@ .
الثالثة من كان من أهل الفتيا قاضيا فهو فيها كغيره وبلغنا عن أبي بكر بن المنذر أنه يكره للقضاة أن تفتي في مسائل الأحكام دون ما لا مجرى لأحكام القضاء فيه كمسائل الطهارة والعبادات وقال قال شريح أنا أقضي ولا أفتي .
ووجدت في بعض تعاليق الشيخ أبي حامد الإسفرائيني أن له أن يفتي في العبادات وما لا يتعلق به الحكم وأما فتياه من الأحكام فلأصحابنا فيه جوابان أحدهما أنه ليس له أن يفتي فيها لأن لكلام الناس عليه مجالا ولأحد الخصمين عليه مقالا والثاني له ذلك لأنه أهل لذلك والله أعلم .
الرابعة إذا استفتي المفتي وليس في الناحية غيره تعين عليه الجواب وإن كان في الناحية غيره فإن حضر هو وغيره واستفتيا معا فالجواب عليهما على الكفاية وإن لم يحضر غيره فعند الحليمي يتعين عليه بسؤاله جوابه وليس له أن يحيله على غيره والأظهر أنه لا يتعين عليه بذلك .
وقد سبقت روايتنا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدهما عن المسألة فيردها هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول وإذا سئل العامي عن مسألة لم تقع لم تجب مجاوبته والله أعلم .
الخامسة إذا أفتى بشيء ثم رجع عنه نظرت فإن أعلم المستفتي برجوعه ولم يكن عمل بالأول بعد لم يجز له العمل به وكذلك لو نكح بفتواه أو استمر على نكاح ثم رجع لزمه مفارقتها كما لو تغير إجتهاد من قلده في القبلة في أثناء صلاته فإنه يتحول وإن كان المستفتي قد عمل به قبل رجوعه فإن كان مخالفا الدليل قاطع لزم المستفتي نقض عمله ذلك وإن كان في محل الإجتهاد لم يلزمه نقصه .
قلت وإذا كان المفتي إنما يفتي على مذهب إمام معين فإذا رجع لكونه بإن له قطعا أنه خالف في فتواه بعض نص مذهب إمامه فإنه يجب نقضه وإن كان