ـ(113) ـ
الإنسان في طلبه للوحدة والاتحاد مع الأفراد الآخرين، وكيف أنه يسعى لتطبيقها بصور متعددة ونظرات مختلفة، وذلك لما لها من الارتباط الوثيق مع طبيعته الاجتماعية.
المهم أن هذه الدعوات والتحركات تنبئ عن الحس الداخلي للإنسان، وهي: نزعته للاتحاد والوحدة، ونتيجة لقصور الإنسان وانحصار نظرته إلى ما بين قدميه وانشداده إلى بدنه المادي والى عالمه المادي وعدم إدراكه لمصالحه ومفاسده كانت نظراته ودعوته تعكس نفس النظرة القصيرة، ولذلك كان يطرح الوحدة تارةً على أساس اللغة، وأخرى على أساس الجنس، ومرة على أساس القرب الجغرافي، وأخرى على أساس المصالح الاقتصادية، وهكذا دواليك.. وما أن يظهر هذا النوع من الوحدة إلى العلن ويتحرك خطواتٍ حتى تضعف قواه ويسقط في منتصف الطريق...وكيف ما كان فإنها تعبر عن نزعةٍ إنسانيةٍ ملحةٍ وضروريةٍ يطلبها الإنسان.
ولن يستطيع الإنسان بنفسه أن يقدم لنفسه طرحاً وحدوياً يملك الشمولية ويحظى بقدرة الاستمرار والبقاء، والجهة الوحيدة التي يمكنها ذلك هي: الجهة التي تكفلت بخلق الإنسان، وتعلم الحاجات التي تتناسب مع هذا المخلوق، وهذه الجهة هي: السماء، لأنها تعرف أنه لو اتبعها لبلغ إلى نقطة الكمال والسعادة.
والشريعة الإسلاميّة مشروع من ضمن المشاريع الدينية التي تقدم الطرح لهذه النزعة، والطرح الإسلامي يتميز بقدرته على تقديم الطرح الوحدوي بصورةٍ متكاملةٍ، وذلك من خلال عنصري: الشمولية والاستمرار، وقدرته هذه نابعة من صميم القيم التي يطرحها، حيث إنها ثابتة لا تتغير من جهة، ومن جهة أخرى تمثل الاستجابات الحقيقية لفطرة الإنسان.
على هذا الأساس نعتبر: أن المشروع الإسلامي الوحدوي هو المشروع الوحيد الذي يستطيع أن يجيب هذه النزعة الإنسانية، خصوصاً في هذا الظرف من الصراع الحضاري الذي نحتاج فيه إلى تأسيس حضارة الإنسان، ولا حضارة لـه سوى حضارة الإسلام.
ومن هذا المنطلق أكد الدين الإسلامي على الوحدة بين المسلمين