ـ(30)ـ
أن يكون قاطنا في مدينة كبيرة فيها معطيات العلم ونتائجه، وكذلك إذا قسنا البشر في عصرنا الحاضر أعني بعد النهضة العلمية إلى ما قبله نجد تطورات كثيرة في عقليته وثقافته، فهناك كثير من المسائل والمفاهيم الحيوية يطلب الإنسان المعاصر أن يتعرف عليها في ضوء معارف الدين وقوانينه لم تكن مطلوبة له في العصور القديمة بهذا الحجم والكيفية، كمسألة الحرية ونظام الحكم ومعالم الحكومة والمناسبات السياسية بين الدول المختلفة وحقوق المرأة ومدى استقلالها في الحياة العائلية والأمور الاقتصادية ونحوها.
هذا، والقرآن كتاب سماوي حجة على البشر إلى آخر الدهر، وتبيان لكل شيء له صلة بأمر الهداية. فلابد أن يجيب على هذه الأسئلة ويبين ما فيه الرشد والصواب حتّى يتبين الرشد من الغي، وأن يحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك عن بينة، ويتم بذلك الحجة على البشر المعاصر كما في العصور السابقة إلى عصر الرسالة. ولا ريب أن القيام بهذه الرسالة العظيمة من وظائف علماء الإسلام وفي مقدمتهم المفسرين لكتاب الله العزيز.

القاعدة 20 ـ الصلة بين التفسير والعلوم الحديثة:
رسالة القرآن ـ كما عرفت ـ هي الهداية أي إرائة الطريق المستقيم الذي يوصل الإنسان الذي يسلكه إلى حياة طيبة في الدنيا والآخرة، وعلى هذا فمن الباطل أن ننظر إلى القرآن ككتاب علمي تكون الغاية منه تبيين القضايا العلمية وقوانينها السائدة في العالم الكوني بما فيه الموجودات الأرضية والسماوية، ومعنى قوله تعالى: [ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء](1). بعد ما نص على
______________________
1 ـ النحل: 89.