ـ(101)ـ
وحينئذ يكون النبي (صلى الله عليه وآله) قد تلقى الوحي من السماء، بينما يتلقى الأئمة عليهم السلام ما يوحى به إلى النبي (صلى الله عليه وآله) عن طريقه (صلى الله عليه وآله)، وهم منفردون بمعرفة جميع الأحكام(كما تقدمت الروايات الدالة على ذلك). ولذا اشتهر في زمان الخليفة عمر بن الخطاب قوله:(لو لا علي لهلك عمر). وقوله:(معضلة وليس لها أبو الحسن)، حينما ترد المعضلة ولا يجد الحل الصحيح لها.
وعلى هذا فسيكون قولهم عليهم السلام حجة يجب الأخذ به. ويكون ما ذكره الأئمة عليهم السلام من قواعد وطرق استنباط وترجيح للتعارض بين الأخبار وما إلى ذلك لا يعدو أن تكون من تعاليم الإسلام نفسه قد وصلت إلى الأئمة عليهم السلام عن طريق النبي صلى الله عليه وآله بينما يكون دور أئمة المذاهب أو غيرهم من المجتهدين هو الاجتهاد في كل ما يأتون به من أحكام، فقد يصيبون كما قد يخطئون، فليسوا هم مصدرا من مصادر التشريع، ولذا لا يكون قولهم حجة على لمجتهدين الآخرين، كما يمكن النظر فيما يأتون به من أصل الاستنباط للحكم الشرعي فلا يكون حجة على الغير.
وأما فرق الأئمة عليهم السلام من غيرهم من الرواة فهو في عصمة الأئمة التي دل عليها الدليل، بخلاف غيرهم الذي يكون في معرض الخطأ والنسيان إذا كانوا عدولا، كما أن احتمال الدس والكذب بسبب الأهواء يكون موجودا إذا لم يكونوا عدولا.
وعلى ما تقدم: فلا يمكن أن نسمي الشيعة الإمامية مذهبا في مقابل بقية المذاهب، لأن ما يأتي به أئمة الشيعة ليس رأيا لهم، وإنما هو تعبير عن واقع الإسلام من أصفى منابعه؛ فقد ذكر المحدث أبو جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار القمي(ت 290 هـ. ق) قال:(حدثنا أحمد بن محمد عن البرقي عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة عن أبي المعزا عن