ـ(195)ـ
هذه الأخوة العامّة.
كنت مرة قاصدا من الرياض عاصمة نجد إلى مكة، وكان بينهما سفر خمسة أيام بالسيارة في ذلك الوقت. وفي اليوم الثاني لاح لي رجلان يمشيان، فوجهت السائق ناحيتهما وسألتهما أصلهما وقصدهما، فلم يفهما لعجمتهما، إذا أنهما كانا من(قندهار) بالأفغان، وكان موسم الحج مقبلا! فأدركت أنهما يريدان الحج فشق عليّ أن أتركهما وحملتهما معي إلى مكة. وفي الليالي التي قضيناها بالطريق، رغم جهل بعضنا لغة بعض، كانت روح الأخوة ناطقة بكل حاسة. ولولا هذه الأخوة لما طوى هذان الرجلان الأرض، لا يملكان شيئا من الدنيا إلاّ أن الدعوة المحمدية قد آخت بينهما وبين البلوش والفرس والعرب ممن تنقلوا في أوطانهم.
نعم إن هذه الأخوة تضعف في أقطار المسلمين بضعف التدين وقيام النعرات الجنسية. وأعظم من ذلك بسيطرة المادة على النفوس، فهي تكاد تقضي على الأخوة في البيت والأسرة الواحدة)(1).
ويظهر أن هذه الروح التي تحلى بها الأستاذ عزام رحمه الله إن شاء الله هي روح العالم الإسلامي بأجمعه، وأن هذه اللغة هي لغة كل المسلمين المتعطشين لعزتهم وكرامتهم وقوتهم ووحدتهم، ولذلك انتشر الكتاب بسرعة في العالم الإسلامي، وترجم اللغات الاندونسية والتركية والفارسية ثم الإنجليزية.
______________________
1 ـ ص 55 ـ 57.