/ صفحه 112 /
وإنما خصت القراءة بطلب الاستعاذة، مع أنه قد أمر بها على وجه العموم في جميع الشئون، لأن القرآن مصدر الهداية، والشيطان مصدر الضلال، فهو يقف للإنسان بالمرصاد في هذا الشأن على وجه خاص، فيثير أمامه ألواناً من الشكوك فيما يقرأ، وفيما يفيد من قراءته، وفيما يقصد بها، فيفوت عليه الانتفاع بهدى الله وآياته، فعلَّمنا الله ان نتقي ذلك كله بهذه الاستعاذة التي هي في الواقع عنوان صادق، وتعبير حق، عن امتلاء قلب المؤمن بمعنى اللجوء إلى الله، وقوة عزيمته في طرد الوساوس والشكوك واستقبال الهداية، بقلب طاهر، وعقل واع، وإيمان ثابت.
وقد أجمع المسلمون على أن جملة الاستعاذة ليست من نصوص القرآن، وإنما هي تنفيذ لأوامر القرآن التي ذكرناها، وتبعاً لهذا لم يجر خلاف في أنها تقرأ مع الفاتحة في الصلاة أو لا تقرأ على النحو الذي جرى في البسملة.
البسملة:
اما البسملة فقد نقل عن كثير من العلماء أنها لم تعرف بتمامها عند المسلمين إلا بعد أن نزلت سورة (النمل) وأنهم كانوا يقولون أولا: (باسمك اللهم) ثم قالوا: (بسم الله) ولما نزل قوله تعالى: (قل ادعو الله أو ادعوا الرحمن) قالوا: (بسم الله الرحمن) ولما نزلت سورة النمل، قالوا: (بسم الله الرحمن الرحيم) تبعاً لما جاء في السورة من قوله تعالى (أنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم).
وسواء أصح هذا التدرج أم لم يصح، فقد صار من المقرر الثابت عند المسلمين جميعاً أن الشرع أمر بها، وندب إليها في أول كل فعل ذي بال، وصح في ذلك بعض الاحاديث.
الرأي الذي نختاره في البسلمة:
وقد أجمع العلماء على أن (البسملة) جزء من سورة النمل، أما أنها جزء في أول كل سورة، أو في أول الفاتحة فقط، أو أنها أية مستقلة أنزلت للفصل بين السور مرة واحدة، فتلك أقوال ليس من سبيلنا الان ان نعني ببحثها، ولا