/ صفحه 144 /
كيف يساير الفقه الإسلامي تطور المسلمين
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الكبير
الشيخ عبد الوهاب خلاف بك
الفقه الإسلامي هو مجموعة الأحكام العملية التي شرعت لأفعال المكلفين من المسلمين تنظيماً لعلاقة المسلم بربه. ولعلاقة المسلمين بعضهم ببعض. ولعلاقة المسلمين بغيرهم من الأفراد والجماعات في حال المسلم وفي حال الحرب. وبعبارة أوجز هو مجموعة القوانين الشرعية التي يقضي بها في خصومات المسلمين وتطبق على أفعالهم وأقوالهم وتصرفاتهم في السلم وفي الحرب.
وفي عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تكونت المجموعة الفقهية من الأحكام التي أفتى بها رسول الله فيما استفتي فيه. والتي أجاب بها عما سئل عنه. والتي قضى بها في الخصومات التي عرضت عليه، وكانت هذه الأحكام تارة يتلقاها الرسول عن الله بالوحي الظاهر في آية أو آيات من القرآن الكريم. وتارة يتوصل إليها باجتهاده فيما لم يتلق فيه وحيا ظاهراً من ربه. وكان في اجتهاده ملحوظاً بالرعاية الالهية، إما بلهامة بالحق والصواب إذا أخذ في اجتهاده، وإما برده إلى الحق إذا اجتهد ولم يصل باجتهاده إلى الصواب. ولله حكمة بالغة في أنه شرع احكامه بالوحي القرآني الظاهر تارة. وبالوحي الباطني وهو إلهام رسوله تارة وبالإرشاد إلى الصواب بعد الخطأ في الاجتهاد تارة.
وهذه المجموعة الفقهية الاولى تجلت فيها عدة ظواهر:
الظاهرة الاولى: أنها كانت قليلة في عدد أحكامها، لأنها شرعت الأحكام لما قوع فعلا من الحوادث، ولما واجه المسلمين فعلاً في حربهم وسلمهم من