/ صفحه 162 /
الفقه والفقهاء في مصر
على عهد المماليك
لحضرة صاحب الفضيلة
الأستاذ الشيخ عبد العزيز المراغي
الإمام الخاص للحضرة الملكية
ـ 2 ـ
عرضت في حديثي الماضي حول هذا الموضوع للظروف التي هيئت لمصر لتكون زعيمة العالم الإسلامي بعد سقوط بغداد، وتحمل راية الثقافة العلمية بعد أن فتن المغول المسلمين وشردوا البقية الباقية من علمائهم، وعفّوا على آثار الثقافة الإسلامية التي كانت ميراثاً ضخماً لأجيال وقرون أفنت زهرة العمر في تحصيلها، وعرضت للمماليك وبلائهم الحسن في الدفاع عن الإسلام، ولموقف العلماء والشعب إجمالا منهم.
واليوم نريد أن نعرض بشئ من التفصيل ـ بالقدر الممكن طبعا ـ لبعض هذه المواقف وأثرها على التشريع والتدوين الفقهي، وحركة التأليف بوجه عام، وأحب أن الاحظ بادئ ذي بدء أن الفقهاء كانوا في شئ من الحرج، وكان موقفهم في غاية من الدقة، إذ كان عليهم أن يلائموا بين شيئين:
1 ـ سلطان المماليك بعد أن أصبح صولجان الحكم في العالم الإسلامي تقريبا بيدهم، وقد كانوا كثرة يحسب حسابها، لا يتورعون من قتل أو نفي أو سلب أو كما يصفهم شوقي: