/ صفحه 169/
الدولة، كانت تستدعي كتباً لا يحصيها عد لتحفظ للتاريخ لوناً من ألوان الحياة الاجتماعية، والسياسية والاقتصادية التي كانت تسود مصر قرابة خمسة قرون وأكثر وقد يكون سبب ذلك ما أسلفنا من أن بعض الموضوعات التي كانت بحكم الطبيعة من اختصاص قضاة الشرع قد نزعت منهم وسلمت للحجاب، ليحكموا فيها بين المماليك لابل بين المماليك والمصريين مما أذهب كثيراً من الأحكام دون أن تدون طبعاً لأن الفقهاء كانوا يعدونها أحكاماً جائرة ضد الشرع يجب أن تهمل.
هذه لمحة عابرة عن أثر نظام المماليك في الحياة المالية والاقتصادية في الضرائب ورأيهم فيها، وفي الاوقاف، وما تركت من آثار، ونرجو أن يكون لنا رجعة لنتكلم عن أثر النظام في باقي أبواب الفقه الخاصة بالمعاملات، وعن الظاهرة التي كانت تبدو على جميع الكتب الفقهية المؤلفة في ذلك العهد.
لون من التعصب
نقل الإمام الرازي عن شيخه، في موقف المقلدين من النصوص التي تكون مخالفة لآراء ائمتهم، عند تفسيره لقوله تعالى: (أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله) قال:
قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه: قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله في بعض المسائل، وكان مذاهبهم بخلاف ذلك، فلم يقبلوا تلك الآيات، ولم يلتفتوا اليها، وبقوا ينظرون إليّ كالمتعجبين ـ يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية وردت عن سلفنا على خلافها !