/ صفحه 24 /
أما الشيعة الإمامية، وأعني بهم جمهرة العراق وإيران وملايين من مسلمي الهند ومئات الألوف في سوريا والأفغان، فإن جميع تلك الطائفة يبرأون من تلك المقالات، ويعدونها من أشنع الكفر والضلال، وليس دينهم إلا التوحيد المحض، وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق، أو ملابسة له في صفة من صفات النقص والإمكان، والتغير والحدوث، وما ينافي وجوب الوجود والقدم والأزلية، إلى غير ذلك من التنزيه والتقديس المشحونة به مؤلفاتهم من مختصرة ومطولة.
وقصارى القول أنه إن أريد بالشيعة تلك الفرق البائدة، والمذاهب الملحدة التي لا أحسب أن على رقعة الأرض منهم اليوم نافخ ضرمة، فنحن لا نضايق في ذلك، ولكن نسبتهم إلى الشيعة ظلم فاحش، وخطأ واضح، وسوء في التعبير، وإن أريد بالشيعة الطائفة المعروفة اليوم بهذا الاسم، والتي تعد بالملايين من المسلمين، فهذه كتبهم ومؤلفاتهم وعلماؤهم من حاضر وغابر، فأين في شئ منها أثر هذا القول الباطل ؟
وقد ينبزون الشيعة بالقول بالرجعة، فليت شعري هل القول بالرجعة أصل من أصول الشيعة، وركن من أركان مذهبها حتى يكون نبزاً عليها ؟ إن أمر الرجعة ليس إلا كبعض أنباء الغيب وحوادث المستقبل وأشراط الساعة مثل نزول عيسى من السماء، وظهور الدجال وخروج السفياني وأمثالها من القضايا الشائعة عند المسلمين، وما هي من أصول الإسلام في شئ، ليس إنكارها خروجاً منه، ولا الاعتراف بها بذاته دخولا فيه، وكذلك حال الرجعة عند الشيعة ليس التدين بها بلازم، ولا إنكارها بضار، ولا يناط بها التشيع وجوداً ولا عدماً.
وأعود فأقول إن التثبت واجب قبل الحكم، وقد أمرنا الله به لئلا نصيب قوماً بجهالة فنصبح على ما فعلنا نادمين، وأكبر الظن أن الذين يكتبون عن الشيعة دون أن يعرفوا بأنفسهم حقيقة الشيعة، إنما يريدون تسويد الأوراق، والتلهّي