/ صفحه 242/
القرائن، وإمكان السؤال المفيد للعلم القاطع، ثم كلما بعد العهد من زمن الرسالة وتكثرت الآراء، واختلطت الاعارب بالأعاجم، وتغير اللحن، وصعب الفهم للكلام العربي على حاق معناه، وتكثرت الأحاديث والروايات، وربما دخل فيها الدس والوضع، وتوافرت دواعي الكذب على النبي (صلى الله عليه وسلم) أخذ الاجتهاد ومعرفة الحكم الشرعي يصعب ويحتاج إلى مزيد مؤنة واستفراغ وسع، وجمع بين الأحاديث، وتمييز الصحيح من السقيم، وترجيح بعضها على بعض، ولكما بعد العهد وانتشر الإسلام وتكثرت العلماء والرواة، ازداد الأمر صعوبة ولكن مهما يكن من شئ فباب الاجتهاد كان في زمن النبي (صلى الله عليه وسلم) مفتوحاً، بل كان أمراً ضرورياً عند من يتدبر.
ومن مفاخر الشيعة الإمامية: أن باب الاجتهاد ما يزال عندهم مفتوحاً، ولن يزال إن شاء الله حتى تقوم الساعة، بخلاف المشهور عند جمهور المسلمين من أنه قد سد وأغلق على ذوي الالباب، وما ادري في أي زمان وبأي دليل وبأي نحو كان ذلك الانسداد ؟
وقد بين كثير من حذاق العلماء في مذاهب أهل السنة أن هذا زعم باطل، وتضييق لا دليل عليه، وأن هذا إنما كان يقال به في عصور الضعف الفقهي، والتعصب المذهبي، وبعض القائلين به إنما يريدون أنه لم يعد بين المسلمين من يصلح لهذا المنصب، لقصور الباع، وقلة المتاع، لا لأن باباً قد أقفل، أو واسعاً قد حُجِّر، والأمر على هذه الصورة قريب، ومدى الخلاف في شأنه ليس بعيداً، فمن المتفق عليه: أن المجتهد هو من زاول الأدلة ومارسها واستفرغ وسعه فيها، حتى حصلت له ملكة وقوة يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي من تلك الادلة، وهذا أيضاً لا يكفي في جواز تقليده، بل هناك شروط أُخر، أهمها: (العدالة) وهي ملكة يستطيع معها الكف عن المعاصي، والقيام بالواجب كما يستطيع من له ملكة الشجاعة اقتحام الحرب بسهولة بخلاف الجبان، وقصاراها أنها حالة من خوف الله ومراقبته تلازم الإنسان في جميع أحواله، ولم تضق رحمة