/ صفحه 247/
وغيرهم من اليهود والنصارى. من أهم هذه الأسباب: السياسة، فالنزاع بين الحكومة الإسلامية والخوارج في العهد الاموي وصدر العباسيين سببه أن الخوارج بتعاليمهم يريدون أن يتولى الحكم أصلح الناس ولو كان عبداً حبشياً، ولا يعترفون ببيت أموي ولا بيت عباسي، ويريدون أن يصلوا إلى مبدئهم بالقوة، فاضطرت الحكومة الأموية والحكومة العباسية أن تحفظ كيانها، وتحمي بيتها في الخلافة بمحاربة الخوارج والقضاء عليهم، وهذا سياسة لا دين.
وانظر إلى النزاع الحاد، والدماء المسفوكة بين السنة والشيعة طول العهد الاموي والعباسي، وبعد ذلك، وما جرى بسببه من دماء تجري أنهاراً، تجد سببه أن أهل السنة من أمويين وعباسيين وغيرهم يرون الحق في خلافتهم، ويرى الشيعة أن لا حق لهؤلاء في الخلافة، وإنما الحق لأهل البيت، وكل يعمل على أن يصل إلى حقه بقوة السلاح، فالنزاع إذن نزاع على من يتولى الحكم، وهذه سياسة لا دين، وأحياناً يقوم بالدعوة الدينية رجال يدعون إلى مذاهب هدامة، ويتسترون باسم الدين، وتخشى الحكومة إن سادت تعاليمهم أن تنهار قوتها، فتضطر إلى محاربتهم، وشكل الحرب شكل ديني، وحقيقته حقيقة سياسية، وكثير ممن خرجوا على الدولة العباسية كانت حقيقة أمرهم الرغبة في إعادة الحكم للفرس ككثير ممن قتلوا تحت ستار الزندقة في عهد المهدي العباسي، وبتهمة المانوية، وقد يستثنى من ذلك الاضطهاد الذي حدث من المأمون والواثق لمن لم يقولوا بخلق القرآن، فقد كانت هذه نظرة دينية خاطئة من المأمون، إذ ظن أن من لم يقل بالاعتزال وبخلق القرآن فقد أفسد دينه، فهو يريد إصلاح العقيدة قسراً وقهراً كما فعل المسلمون الأولون إزاء الوثنيين، وهذا خطأ في التفكير نتج عنه أضرار جسيمة للمسلمين.
ومن العداء السياسي ما كان بين الدولة العثمانية والدولة الايرانية فالعداء بينهما عداء سياسي اتخذ شكلا دينياً، يريد العثمانيون الاولون ان يمدوا سلطانهم على الفرس ويأبى الفرس إلا أن يحتفظوا باستقلالهم فيؤول ذلك إلى البغض الذي