/ صفحه 257/
أوتوا العلم درجات " قوله انها سبعون درجة، أي ان درجة العلماء ارفع من درجة المؤمنين غير العلماء سبعين ضعفاً. وقال (صلى الله عليه وسلم) ـ وهو قول لا يتذوقه الا من عرف أثر العلم في بناء الامم وفي تقويم أمورها ـ: " لموت عالم أيسر من موت قبيلة). أي أن المجمع ينكب من موت عالم أكثر مما ينكب من موت قبيلة، وهذه غاية لا تدرك في تعظيم شأن العلم.
فلا غرو بعد كل هذا أن يندفع المسلمون في طلب العلم اندفاعا لم يؤثر عن امة قبلهم، فحذقوا كل ما كان شائعا منه بعد أن ترجموه إلى لغتهم، ولم يقفوا عند هذا الحد بل نقبوا عن مصادره في المكتبات الاجنبية فأخذوا منها كل ما وجدوه لليونايين والسريانيين وغيرهم وترجموه إلى لغتهم وتدارسوه بهمة لا تعرف الملل حتى اتقنوه وعملوا به وزاردوا مادته ثروة، واكتشفوا علوما جديدة سجلت لهم في صحائف الخلود. كان هذا كله بركة العبقرية المحمدية التي تجلت في شخصيته الكريمة تجليا لم يحفظ مثله لرجل غير من الناس أجمعين.
إلى الكاتب الكبير فريد بك وجدي:
جاء في مقالكم القيم (لا خلاف في الدين الحق) الذي نشر بالعدد الأول من هذه المجلة: (أن الحدود والفاصلة بين الفرق الإسلامية ستزول لاشتغال العقول بالعلم الذي يجب ان تتألب جميع العقول البشرية لدفع خطره عن العقول الشرقية وان الله لو وفقنا لصيانة الإسلام منه نكون قد أدينا للإسلام خدمة … الخ).
وقد كانت هذه الفقرات من المقال موضع نقاش طويل في بعض الاندية العلمية شأن جميع ما يكتبه ا البحاثة المدقق فريد وجدي بك، فهل يتفضل أستاذنا الجليل ببيان: ما هو العلم المقصود ؟ وما خطره على العقول الشرقية ؟ وعلى الإسلام دين العلم والعقل ؟ وكيف يمكن أن تتألب لدفع هذا الخطر (جميع العقول البشرية) ومن بينها العقول القوامة على إزجاء هذا الخطر ؟
محمد فؤاد السيد المدرس بالأزهر