/ صفحه 263/
الفقه السياسي عند المسلمين
لحضرة صاحب الفضيلة
الأستاذ الشيخ عبد العزيز المراغي
الإمام الخاص للحضرة الملكية
كنت على أن اتابع البحث فيما بدأته من أحاديث حول (الفقه والفقهاء في عهد المماليك) ولكن مقالا شائقا تحت هذا العنوان الذي أعلمت به مقال اليوم كتبه صديقي الفاضل العالم الأستاذ شافعي بك اللبان صرفني عن الكتابة ـ مؤقتاً ـ في التشريع في عهد المماليك لأقف مع الزميل الفاضل وقفة قد يكون فيها شئ من النصفة لقوم كتبوا كثيراً، ولكنهم ظلموا أكثر، وجاهدوا كثيراً ولكن حقهم قد غمط أكثر، ولست أريد في ذلك المقال ان أثرب على أحد، ولكني أريد أن أقولها صريحة: إن هؤلاء الذين حملوا راية العلم الإسلامي في شتى نواحيه، كانوا جديرين بشئ من التقدير أكثر من هذا الذي قوبلوا به، وذلك لا يستدعي الا عناءاً يسيراً في الرجوع إلى ما كتبوا، وقد ظهر بعضه، ولكن ما بقي مخطوطاً يعدو الالاف ويحوي ذخائر دفينة، لو كان عند امة عشر معشارها لأقامت لأصحابها الاعياد الفضية والذهبية والماسية، وما إلى ذلك، والأمر قديم، فقد قيل منذ سنين: ليس للعرب علم، وقيل ليس لهم سياسة، حتى الفقه قيل عنه: ليس لهم فقه، وما هو إلا ثوب مهلهل استعاروه من الرومان وما ذنبهم:
إذا كان المحب قليل حظ فما حسناته الا ذنوب
ويخيل لي أن الموضوع ـ ان سمح لنا باستعمال التعبير الازهري ـ لم يحرر فيه المراد، أو بعبارة أدق لم يتلاق السلب والايجاب على جهة واحدة، فإن كان النافون يعنون أن العرب ليس لهم علوم سياسية أو فقه سياسي على معنى أنهم