/ صفحه 317/
الحنفية أو الشافعية أو الإمامية مثلاً ؟ أم يلفق مذهب من هذه المذاهب جميعاً؟ ومن يلفقه ؟ و على أي أساس يكون هذا التلفيق ؟ وكيف يزعمون أن في هذا صلاحاً للمسلمين وما هو إلا مذهب جديد ينضم إلى المذاهب القديمة فيكثر عددها، ويحدث خلافاً جديداً ربما كان أعنف وأقوى ؟
تساءل بعض الناس عن هذا كله، والتساؤل أمارة الاهتمام والعناية، كما تساءل آخرون: هل تغلبت في هذه الفكرة نزعة السنة على الشيعة، أو نزعة الشيعة على السنة ؟ وأي المذهبين أقرب إلى أن يفيد منها ؟ وما هو اللون الفكري الذي عرف به هؤلاء الداعون إليها ؟
وليس أحد من جماعة التقريب بالذي يضيق بهذه الأسئلة ذرعاً، ولا بالذي يعيا عن جوابها، وإن هذه الأسئلة لدليل على أن المسلمين محتاجون حقاً إلى من يعرّف بعضهم ببعض، محتاجون إلى من يطهر النفوس من الشكوك التي لا مبرر لها، ومن التخوف الذي جعلهم ينظرون في كل عمل إصلاحي يراد به إنقاذهم والسمو بهم نظر الحِذر المتظنن الذي لا يثق حتى بأخيه.
إن جماعة التقريب قد جعلت بينها وبين الناس قانوناً وبيانا مفصلاً هما عهدها ومنهاجها، وقد عرضت فيهما إلى كل ما تساءل عنه هؤلاء المتسائلون، فبينت أغراضها، وحددت وسائلها، وصرحت بأنها إنما تعمل على جمع كلمة المسلمين حول الأصول العامة لدينهم، وأنها إنما تعني بالمذاهب الإسلامية الطوائف الذين فرقت بينهم آراء لا تمس العقيدة الإسلامية التي يجب الإيمان بها، وأنها ترحب بالخلاف الفقهي المبني على النظر في الأدلة ورعاية المصالح العامة للمسلمين التي اعترفت الشريعة بها، ولا تبغي إلغاء المذاهب الفقهية ولا توحيدها، كما لا تبغي نصرة الشيعة على غيرهم، ولا نصرة غيرهم عليهم، وأنها تترك لكل إنسان حقه الطبيعي في أن يعتقد ما يراه من المعارف التي وراء العقائد الإسلامية، على أن لا يكون ذلك سببا في ضغينة يحتفظ بها لمن يخالفه، أو عصبية يرى بها أنه هو المحق